فمن المهم خروج طهران عن بكرة ابيها لتوديع هذا القائد العسكري الكبير في مسيرات جماهيرية جابت شوارع العاصمة وتجمعت انتهاء في (ساحة آزادي)، ولكن الأهم هو أن هذا التشييع الاستثنائي اطلق نهضة كبرى أذهلت العالم وجميع المراقبين على مستوى تحكيم الوحدة الوطنية واظهار قدرات ايران الكامنة في تاكيد الدفاع عن رموز الثورة الاسلامية وعظمائها الذين لم يدخروا وسعاً وجهداً وفكراً في سبيل دعم قوى محور المقاومة والممانعة بوجه المشاريع الاميركية ـ الصهيونية ـ الغربية في المنطقة.
فالشهيد الحاج قاسم سليماني المعني بهذا التكريم المليوني، كان قائداً اسلاميا عظيماً ومقاوما صلباً وانساناً محبّاً لابناء الامة الاسلامية كافة ومقارعاً عتيداً للمشاريع الاستكبارية والغزوات الاحتلالية الغربية لبلدان المنطقة، وازاء ذلك كان لابدّ من التمييز بينه وبين غيره من الشهداء مع انهم (رضوان الله عليهم) هم الان في حضرة الملك القدوس الذي يختص برحمته وفضله من يشاء وينعم بالدرجة التي يستحقها كل منهم في جنات النعيم.
لقد كان قائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني فريد عصره في سوح الجهاد والنضال والمقاومة، وقد اصيب الشعب الايراني ومعه جميع الشعوب المقارعة للظلم والعدوان، بصدمة كبيرة اثر اقدام اميركا على اغتياله مع رفيق دربه الشهيد الحاج أبي مهدي المهندس في تلك الجريمة النكراء، ولا شك في ان الانتقام من عملية القتل الغادرة التي حصلت بامر من الرئيس الاميركي الاخرق دونالد ترامب ينبغي ان يكون بمستوى التفاف هذه الملايين المنكوبة حول نعشه الطاهر وبقية القادة الشهداء.
من الواضح ان مراسم التشييع في اهواز ومشهد وطهران وقم وبهذا الحضور الهائل من ابناء الشعب الايراني وقيادته وسياسييه وقواه الحية ، كان عملا نهضويا بما للكلمة من معنى، وهو ما يمكن البناء عليه في اطلاق المزيد من الطاقات الايرانية نحو الصمود والتصدي من جانب وباتجاه تطوير القدرات والامكانيات والمكتسبات في جميع المجالات من جانب آخر.
الشعب الايراني الذي خرج بقضه وقضيضه في المدن التي احتضنت الجثامين وكذلك في بقية مدن البلاد الاخرى عبر تظاهرات عارمة وحزينة، قرر ايصال رسالة الى البيت الاسود في واشنطن مفادها:
ان الارهابي التافه دونالد ترامب لا يساوي فردة حذاء في مقابل عظمة الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني وان الجمهورية الاسلامية المتسلحة بالايمان والاستعداد والقوة المعنوية والمادية، لم ولن تغادرها الروح الحربية للانتقام من الوجود العسكري الاميركي الاحتلالي اينما كان، ولذلك فإنها لن تتخلى ابداً عن الأخذ بثأر قائد فيلق القدس ورفاقه في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب.
لقد ارتكبت الادارة الاميركية الوقحة خطأ استراتيجيا فادحاً ويتعين عليها ان تدفع الثمن وتتلقى العقاب، وان ايران ليست بالطرف الذي يمكن ان يتراجع عن قراراته المصيرية سيما وان ترامب المتخبط المذعور الان بسبب جريمته القذرة صار يطلق التهديدات بالجملة، دون ان يترك لنفسه قليلا من ماء الوجه الذي قد يحتاجه عندما تتعرض قواته او قواعده او مصالحه للضربات القاصمة المرتقبة.
حميد حلمي البغدادي