وفي هذا السياق، أعلن وزير النفط الايراني، بيجن زنكنة، في تصريح على هامش اجتماع المجلس الوزاري للدول الاعضاء في منظمة اوبك بفيينا: ان مطالب ايران في اعمال الدورة الـ176 للمنظمة قد تحققت، بحيث تم إعفاء ايران من اتفاق خفض الانتاج على غرار الاجتماع السابق.
إن اصرار ايران ومطالبتها بإعفائها من اتفاق خفض الانتاج، له معنى واحد وهو ان لديها إمكانية لتصدير نفطها، فلو لم تمكن قادرة على تصدير النفط، لما اصرت على هذا الاعفاء. ولكن يبدو انها تتحفظ عن الاعلان عن هذه الطرق واغلبها غير رسمي، ولكن المهم انها تمكنت الى حد كبير من تجاوز الحظر.
وأحد هذه الطرق يتمثل في مقايضة النفط مقابل السلع التي تحتاجها ايران، وهو يحقق لها هدفين في آن، تجاوز الحظر النفطي، وتجاوز الحظر على التبادل المالي، فهي تستورد بضاعة تحتاجها ولا تحتاج الى قناة للتبادل المصرفي، بل يتم التسديد بالنفط. وهذا ما اشار اليه عدد من الخبراء، من إمكانية بيع النفط الى روسيا بحجم مليون برميل مقابل السلع الروسية.
ومن الواضح، ونظرا للعلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو، فقد اعلنت الثانية دعمها للاولى، جاء ذلك على لسان وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك، في تصريح عقب اجتماع مع نظيره الايراني بيجن زنكنة، الاثنين 1 تموز/ يوليو 2019 في موسكو، قائلا: ان موسكو مهتمة ببقاء ايران لاعبا على قدم المساواة في سوق الطاقة العالمية.
موضوع فشل الحظر النفطي الاميركي في تصفير صادرات النفط الايرانية، اكده ايضا رئيس البرلمان الايراني، علي لاريجاني، الذي اكد في كلمة له امام الملتقى الوطني للصناعة والمناجم الاثنين 1 تموز/ يوليو 2019، ان الاميركان اوجدوا وضعا استثنائيا لإيران، وأفضل عبارة تصف هذه الاجراءات هي الارهاب الاقتصادي والسلوكيات الدنيئة.
واعتبر المرحلة الراهنة بأنها عابرة وقد اثبتت ايران أنها ليست مكبلة. واضاف: ان بعض الحكومات والدول قد دخلت الساحة في القضايا الاخيرة للعمل على حلها وتسويتها. وصرح: اننا نرحب باي مقترح بناء يمكنه حل مشاكل البلاد ويصون المصالح الوطنية لكننا لن نصبح ألعوبة ايضا.
وبيّن: ان الكثير من الدول تسعى في الوقت الحاضر لكسر سد الحظر ضد ايران لكننا لا يمكننا الافصاح عن اسمائها.
وتابع، ان الاميركيين فشلوا في مسعاهم لتصفير صادرات النفط وواردات ايران حيث ان دولا كبرى ودولا جارة لنا تساعدنا كثيرا.
ومن الطرق الرسمية التي تسعى ايران الى فتحها لاستمرار تصدير النفط، ممارسة الضغوط على اوروبا لفتح قنوات في هذا المجال، ضمن إطار أداة دعم التبادل المالي مع ايران (اينستكس)، فقد أكد وزير النفط الايراني، لدى وصوله الى مطار كوبورغ في فيينا قبيل المشاركة في اعمال الدورة 176 للاجتماع الوزاري لمنظمة اوبك، أنه دون الدفع الآمن لمستحقات النفط الايراني عبر اينستكس او الدفع بمقدار 3 او 4 ملايين دولار او يورو فقط، فإنه لا يمكن لهذه الآلية ان تكون فاعلة.
ويبدو ان آلية اينستكس دخلت حيز التنفيذ، حسب إعلان هيلغا شميدت، مساعدة فيدريكا موغريني، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، ولكن المطلب الايراني يتمثل في ان يكون حجم بيع النفط لاوروبا بنفس حجم ما قبل الحظر، في حين ان اوروبا تريد شراء فقط نصف مليون برميل. ولذلك فإن ايران تبدو جادة في المضي في التخفف من التزامات الاتفاق النووي، فيما اذا لم تتحقق مطالبها وانتفاعها بالكامل من فوائد الاتفاق النووي.
وبالتوازي تعمل ايران على عدة خيارات للتقليل من أثر الحظر، بما فيها تصدير مشتقات النفط الى دول الجوار كالعراق وافغانستان وباكستان، وكذلك العمل على خفض اعتماد الميزانية على العائدات النفطية، وقد نجحت في هذا المسعى حتى الآن، إذ خفضت نسبة اعتماد الميزانية على النفط الى اقل من 30 بالمائة. أضف الى ذلك تعزيز صادرات السلع غير النفطية وخاصة الى دول الجوار، وهو الامر الذي نجح مع العراق وهناك احتمال كبير ان ينجح مع دول جوار اخرى كباكستان وافغانستان.
وبالمحصلة ورغم معاناتها من ظروف صعبة، لكنها ليست قاتلة، فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية، نجحت حتى الآن في التخفيف من أثر الحظر، وتمكنت من الحصول على دعم عدد من الدول لمواجهة الحظر، إذ يشير استقرار العملة الوطنية الى نوع من الاستقرار الاقتصادي. وهذا كله من نتائج الصبر الايجابي الذي اعتمدته طهران، وللصبر عاقبة محمودة الأثر.