وترمي المفاوضات الافغانية ـ الافغانية من جانب والايرانية ـ الافغانية ومن جانب آخر الى التوصل لمقاربات جوهرية لملء الفراغ الناجم عن جلاء الاحتلال الاميركي ـ الاطلسي عن افغانستان ..الدولة التي تصدعت أوضاعها وسيطرت عليها التجاذبات والصراعات والأزمات جراء الغزو الغربي منذ عام 2001 وحتى قبل ذلك أيام الغزو السوفيتي الأحمر لها في عام 1980.
لقد جرّ الاميركيون وحلفاؤهم مصائب كبرى على افغانستان وخلقوا لها فجوات عميقة على مستوى تصعيب مسيرة المصالحة الوطنية في هذا البلد المؤمن المجاهد، وما خروجهم (الغزاة) في الوقت الحاضر دون تمكين أهل الديار من التوصل الى الوفاق الحقيقي إلا دليل على ان سلطات الولايات المتحدة لم ولن تكون أبداً صادقة النوايا في تعاملها مع قضايا الأمة الاسلامية عموماً والشعب الافغاني خصوصاً.
من هنا تأتي أهمية اجتماع طهران ومشاركة وفد رفيع المستوى من جماعة طالبان برئاسة السيد شير محمد عباسي ستانيكزاي فيه كونه يجمع الأطراف المهمة للشعب الأفغاني بهدف السعي الى تجاوز تداعيات الحرب الاميركية وآثارها على بلدهم وفق رؤية حصيفة بعيدة عن التشنج والتزمت وبما يعيد الاستقرار والطمأنينة والتآخي الايماني الى ربوع أفغانستان الجريحة.
في هذا الاجتماع الذي افتتحه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قال مشيراَ الى هزيمة الولايات المتحدة في افغانستان بعد أكثر من عقدين وما نتج عن ذلك من دمار كبير: (يجب على الشعب الافغاني والقادة السياسيين اتخاذ قرارات صعبة لبلدهم).
من المؤكد ان الشعب الافغاني ساهم برمته في معاقبة الغزو الاميركي ـ الاطلسي وإجبار المحتلين على مغادرة اراضيهم، بيد ان أفغانستان ستبقى رهنا للتوافق الوطني بين جميع فئات الشعب بعيداً عن كل ما يمكن ان يعيد شبح الحرب الأهلية الى هذا البلد الذي هو بحاجة اليوم الى مساهمة جميع أبنائه لإعادة البناء وإرساء الأمن والسلام فيه.
ولا شك في ان إعمار افغانستان يستلزم رؤية حكيمة من جميع الاطراف الجهادية بمنأى عن أصوات البنادق وقعقعة السلاح. فلقد ولى زمن العنف والتوسل بالقوة لفرض الأمر الواقع وعلى القادة السياسيين ان يحتكموا الى الممارسات الديمقراطية وصناديق الاقتراع أولاً لطيّ صفحات الماضي الدموية وثانياً لإعادة الأمل والتفاؤل الى نفوس أبناء الشعب الأفغاني الذين طالما اكتووا بنيران الحروب الخارجية والداخلية.
ان القادة الافغان مطالبون بتقديم الأسوة الصالحة المعبرة عن تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والسعي كل السعي لنشر الأمن والأمان بين أبناء الوطن الواحد.
وغني عن البيان ان الجمهورية الاسلامية على استعداد تام للمساعدة في عملية الحوار بين الاجنحة السياسية من أجل حل النزاعات والأزمات المستمرة في هذا البلد فضلاً عن أنها وكما صرح بذلك وزير الخارجية الدكتور ظريف ستلتزم بالإسهام في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأفغانستان بعد إحلال السلام.
صفوة القول، ان جيراننا الأفغان هم أحوج ما يكونون اليوم الى ثقافة الحياة والتعاون على البر والتقوى والى حقن الدماء البريئة من أجل بناء الوطن وضمان التعايش السلمي والاستفادة من تجارب الماضي الاليمة لحماية المستقبل.
بقلم- حميد حلمي البغدادي