قبل وصول الأوروبيين الى أمريكا الشمالية، كان السكان الأوائل في المنطقة ينقسمون الى عدة شعوب، كل تتميز بخصائصها وتقاليدها وثقافتها الفريدة، والأسكيمو هم أحد هذه الشعوب.
من هم الإسكيمو وأين يعيشون
الإسكيمو أو الانويت، هم شعب اصلي عاش في المنطقة الشمالية القريبة من القطب الشمالي، بداية من منطقة سيبيريا في شرق روسيا الى كندا في شمال أمريكا الشمالية.
الاسكيمو تعني حرفا “الناس”، لكن في بعض اللغات الأخرى تعني “اكلة اللحوم النيئة”، لذلك، يعتبر بعض الاسكيمو انها كلمة مسيئة، وخاصة في كندا وغرينلاند.
تاريخ الاسكيمو
عاش الاسكيمو في أمريكا الشمالية منذ نحو 5000 سنة، بداية من الاستقرار في ولاية الاسكا في شمال القارة، ومن ثم التوجه جنوبا الى المنطقة التي تشكل كندا اليوم.
تعود جذور الاسكيمو في أمريكا الشمالية الى اسلافهم في سيبيريا، وقد عثر على العديد من القطع الاثرية في شمال القارة مشابهة للغاية لتلك التي عثر عليها في سيبيريا، وبعضها يعود تاريخها الى 18 الف سنة.
من حيث المظهر، لا يختلف الاسكيمو كثيرا عن الهنود الحمر، فكلاهما يتمتعان ببشرة تميل الى السمرة، ولديهما شعر اسود، وعيون داكنة، ووجوه مستديرة.
التوزيع الجغرافي
يبلغ عدد الإسكيمو اليوم ما يقرب من 120 الف شخص، غالبيتهم يعيشون في المناطق الاصلية حيث عاش اجداهم، في روسيا والاسكا وكندا وغرينلاند.
اصبح الإسكيمو يلبسون ملابس حديثة، ويعيشون في منازل حديثة أيضا، ويعيشون نفس الحياة التي يعيشها الأوروبيون، لكن لا تزال هناك بعض المجتمعات الصغيرة منهم تحافظ على تقاليد الأجداد.
أكبر تغيير حدث للسكان الإسكيمو كان عند اول اتصال مع الأوروبيين، والذين أدخلوا الى هذه المجتمعات التقليدية بعض الأدوات الحديثة، وخاصة البنادق التي ساعدتهم على صيد الحيوانات ذات الفراء.
هذا الامر سهل من عملية الصيد على الاسكيمو، لكن أثر بشكل كبير على الحياة البرية في أماكن تواجدهم.
صفات الاسكيمو السلالية
يتميّز شعب الاسكيمو بصفات سلالية مغولية تكيفت مع الشروط المناخية الباردة. إذ تنتشر في دمائهم الزمرة الدموية B أكثر من غيرها، وهذا ما يؤكد أصولهم الآسيوية. فبشرتهم داكنة قليلة المسامات مبطنة بطبقة شحمية وقاماتهم قصيرة لا تتعدى مترًا وستين سنتيمترًا، وأجسامهم ضخمة وممتلئة مع طولٍ وضخامةٍ في الجذوع، وأكتافهم عريضة، وأرجلهم قصيرة مع صغرٍ في القدمين ، وأوجههم واسعة وعريضة. كما أنّ وجناتهم مسطّحة وبارزة، وشكل رؤوسهم بين الطويل والمتوسط، وشعرهم أسود سبط وخشن، ولا ينمو على الوجه إلا متأخراً. أمّا عيونهم فمنحرفة ذات شكل لوزي، وذات جفون غير متثنية ومبطنة بطبقة شحمية، وفتحاتها ضيقة، وأنوفهم ضيقة ومرتفعة من الأمام.
أصل الاسكيمو
نشأ أسلاف شعب الاسكيمو في شمال شرق آسيا، ويعتقد أغلب الباحثين أن شعب الإسكيمو قدموا إلى المنطقة المعروفة حاليًا باسم ألاسكا عبر ممر أرضي كان يربط بين آسيا والمنطقة الشمالية من أمريكا منذ حوالي 10 آلاف سنة. ثم اتجه الاسكيمو من ألاسكا ناحية الشرق حيث توجد المنطقة القطبية لقارة أمريكا الشمالية، ويرى الباحثون أن الإسكيمو انتقلوا من ألاسكا إلى ما بات يعرف حاليًا بغرينلاند في هجرتين كبيرتين.
بدأت هجرة شعب الاسكيمو الأولى منذ قرابة 5 آلاف سنة، ويرجّح أن الهجرة الثانية انطلقت منذ أقل من 1200 سنة تقريبًا. ولا يعرف العلماء المدة التي استغرقتها كل من الهجرتين بالتحديد. ولكن يُعتقد أنه في الوقت الذي بدأت فيه الهجرة الثانية، كانت سلالة الإسكيمو التي هاجرت في الحركة الأولى قد انقرضت. ويُعتبر الإسكيمو الذين يعيشون اليوم في كل من غرينلاند وكندا وشمال شرق ألاسكا أحفاد أولئك الذين تنقّلوا في الهجرة الثانية.
مساكن شعب الاسكيمو وملابسهم
يتّخذ الاسكيمو في فصل الشتاء الطويل أكواخًا يطلق عليها اسم "إيغلو" (igloo) مبنية من مكعبات الجليد. وللإيغلو ردهة خاصة تحمي مدخله وتمنع دخول الرياح القطبية الباردة إليه. ويعمل الاسكيمو على تبطين الكوخ من الداخل بالجلود فيصبح الكوخ أقرب ما يكون إلى خيمة محاطة بغلاف جليدي يعزلها تماماً عن الوسط الخارجي. وقد يكون الهواء داخل الإيغلو رطبًا وثقيلًا لكنه ليس باردًا. ولا يوقدون النار داخل الكوخ لتفادي ذوبان جدرانه الجليدية جراء الحرارة. كما تُفرَش أرضيته بجلود الحيوانات وفرائها.
أما بالنسبة للباس، فيصنع الاسكيمو ملابسهم من جلود الحيوانات وفرائها. إذ يرتدون في الشتاء لباسين من الفراء، بحيث يوجهون فراء اللباس الداخلي نحو الجسم بينما يكون فراء اللباس الخارجي نحو الخارج. وتكون هذه الملابس متقنة الصنع لتمنع نفاذ الماء من مواضع الخياطة فيها. كما يصنع الاسكيمو من أحشاء سمك الصيل ملابس واقية من الماء والمطر شببهة بالجلد المشمع الذي يستخدمه البحارة.
معتقدات شعب الاسكيمو
مثل أغلب المجتمعات القديمة، يعتقد الإسكيمو أن قوى روحية تتحكم في الطبيعة، وأن للناس والحيوانات أرواحا تعيش في عالم آخر بعد الموت. وكانوا يؤمنون أن الأرواح تعاقبهم بالمرض وغيره من المصائب الأخرى إذا خالفوها. وكان اعتقادهم هذا يشمل أرواحًا عديدة مثل الرياح والجوّ والشمس والقمر..وغيرها. ومن أهمها روح إلهة البحر التي كانت تعيش في قاع البحر وتتحكم في الحيوانات البحرية. وكانوا يسعون لإرضائها من خلال احتفالات خاصة يؤدونها كل سنة لكي لا تبعد عنهم الأسماك والحيتان والفقمات ومصادر الطعام والمؤونة.
أما اليوم، فأصبح غالبية شعب الاسكيمو يدينون بالنصرانية كبديل عن معتقداتهم التقليدية التي تمجّد الطبيعة. وبدلاً من التنافس مع عالم الطبيعة، أصبحوا اليوم يتنافسون اجتماعيًا واقتصاديًا مع العالم المعاصر.