تأتي انتخابات الرئاسة الإيرانية هذا العام في وقت محوريّ تمر به البلاد داخلياً وخارجياً، إذ تغيّر الكثير في السنوات الأربع الأخيرة. يستعدّ الناخبون للاستحقاق الرئاسيّ، في الوقت الَّذي يدركون تماماً الاستحقاقات الأخرى التي تواجهها الجمهورية الإسلامية، فيما نتفحّص بدورنا تجربة الانتخابات الرئاسية الإيرانية ومرشّحيها.
النظام الانتخابيّ في إيران
يستطيع أيّ شخص بالغ من أصل إيراني ويحمل الجنسية الإيرانية أن يأخذ بطاقة هُويته وبعض الصور والوثائق اللازمة إلى وزارة الداخلية في شارع فاطمي في طهران للترشح للانتخابات الرئاسية، لكن ذلك لا يعني أن جميع المرشحين يستطيعون خوض السباق، إذ يقوم مجلس صيانة الدستور، الذي يتألف من 12 عضواً، بفحص أهلية كلّ مرشّح، ثم تحديد المرشحين الذين يحقّ لهم التنافس على منصب الرئاسة.
ينبغي أن تتوفر خمسة شروط في كل مرشح، بحسب المادة 115 من الدستور الإيراني، إضافةً إلى وجوب أن يتراوح عمره بين 40 و75 عاماً، وأن يحمل شهادة الماجستير أو ما يعادلها على الأقل، وأن يكون قد أمضى ما لا يقل عن 4 سنوات من الخدمة في المناصب الإدارية الحكومية.
تُضاف إلى ذلك إمكانية ترشّح الوزراء والمحافظين ورؤساء البلديات في المدن التي يزيد عدد سكانها على مليوني نسمة، وكبار قادة القوات المسلّحة برتبة لواء. ويجب أن يقدّم جميع المرشحين شهادة حسن سيرة وسلوك، وألا يكون لديهم سجلّ جنائي.
هذا العام استوفى 40 شخصاً المعايير الأساسية للمجلس من أصل 592 سجّلوا أسماءهم كمرشحين، وتمت الموافقة على 7 منهم فقط.
في العام 2017، تمَّ تسجيل 1630 مرشحاً، تمت الموافقة على 6 منهم، فيما كانوا 8 في انتخابات العام 2013.
كيف تجري الانتخابات الرئاسيّة؟
يتمّ انتخاب الرئيس في الجمهورية الاسلامية إلإيرانية كلّ 4 سنوات، ويستطيع الرئيس المنتخَب أن يخوض الانتخابات لفترة ثانية، على أن يبتعد بعدها عن المنصب لفترة واحدة على الأقل.
تتواصل الحملات الدعائية لمرشّحي الرئاسة الإيرانية حتى 16 حزيران/يونيو الجاري، ثم يحلّ يوم الصمت، ويأتي بعده يوم الحسم والاقتراع.
في حال عدم فوز أيّ مرشح بنسبة 50 + 1 في المئة من الأصوات التي تمَّ الإدلاء بها، بما في ذلك الأصوات الباطلة، تجري جولة ثانية بين المرشحَين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، وذلك في أول يوم جمعة بعد إعلان نتيجة الانتخابات.
بعدها، يعلن المرشح الحاصل على أعلى نسبة من الأصوات رئيساً للجمهورية الإسلامية في إيران.
من هم المرشحون الحاليون للانتخابات الرئاسية الإيرانية؟
تدور المنافسة حول منصب الرئيس هذا العام بين 7 مرشحين. وفي ما يلي نبذة عنهم:
سعيد جليلي:
أمين السر السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، وأحد نائبي قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي في المجلس، وعضو كامل العضوية في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
محارب قديم أُصيب خلال الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية تلك الحرب التي قادها المقبور صدام ديكتاتور العراق.
إلتحق بوزارة الخارجيَّة في العام 1989، وشغل منصب نائب لوزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية، قبل أن ينتقل في العام 2001 إلى مكتب قائد الثورة ، ويصبح مديراً أول لتخطيط السياسات.
عمل مستشاراً للرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ثم خلف علي لاريجاني بصفة سكرتير لمجلس الأمن القومي. انطلاقاً من هذا المنصب، ترشّح لانتخابات العام 2013. وعلى الرغم من التوقعات العالية حينها، فإنَّه حلَّ في المرتبة الثالثة.
يرجّح مراقبون أن يتعرَّض جليلي لانتقادات من الإصلاحيين على خلفية الفترة التي قضاها في منصب كبير المفاوضين النوويين في ظلّ إدارة أحمدي نجاد، كما يرجّحون أن تطغى أسماء أكبر، مثل إبراهيم رئيسي، عليه، نظراً إلى التداخل في دوائرهم الانتخابيّة المحافِظة.
محسن رضائي:
أكبر المرشّحين سناً، والأمين الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام. شغل منصب القائد العام لحرس الثورة بين العامين 1981 و1997، وترك منصبه بعد انتخاب محمد خاتمي رئيساً. عاد رضائي إلى حرس الثورة في العام 2015، وشغل منصباً أكاديمياً في جامعة الإمام الحسين.
كان رضائي مرشحاً دائماً لمنصب الرئاسة في إيران، لكنّه خسر في جميع الانتخابات التي خاضها، وهو يعدّ من أشد منتقدي البرامج الاقتصادية للحكومة.
إبراهيم رئيسي:
الرئيس الحالي للسلطة القضائية، ونائب رئيس مجلس خبراء القيادة، وأحد المسؤولين الإيرانيين المستهدفين بالعقوبات الأمريكية.
أمضى رئيسي معظم حياته المهنيّة في القضاء. بدأ كمدّعٍ عام إقليمي، ثم تولّى مناصب النائب العام، والنائب الأول للقضاء، والمفتشية العامة، قبل أن يترك القضاء ويترأّس سدانة العتبة الرضوية في مدينة مشهد المقدسة.
تم تعينه في عام 2019 ليصبح رئيس المحكمة العليا. وبعد فترة ، أصبح نائباً لرئيس مجلس خبراء القيادة.
خاض الانتخابات الرئاسية قبل 4 سنوات، واستطاع نيل أكثر من 15 مليون صوت، لكنّه فشل بالفوز أمام الرئيس حسن روحاني. يركّز رئيسي على تأسيس اقتصاد مقاوم وتعزيز الإنتاج المحلي أكثر من المفاوضات مع الغرب.
في حال انتخابه، سيصبح أول رئيس قضاة في الجمهورية الإسلامية يصل إلى سدة الرئاسة.
علي رضا زاكاني:
رئيس مركز البحوث في مجلس الشورى الإسلامي، ومشرّع سابق بين العامين 2004 و2016.
طبيب حاصل على شهادة في الطبّ النووي. شغل منصب رئيس منظمة التعبئة "البسيج" الطلابية، وأسَّس جمعية "رواد الثورة الإسلامية"، وشغل منصب أمينها العام لثلاث فترات.
أدى زاكاني دوراً بارزاً كمشرّع، حيث شغل منصب رئيس اللجنة البرلمانية للاتفاق النووي. كان منتقداً لإدارة روحاني في ما يتعلق بالمفاوضات مع مجموعة 5+1. وعلى الرغم من دوره القيادي في البرلمان، تم استبعاده من الترشح للرئاسة في انتخابات العامين 2013 و2017.
أمير حسين قاضي زاده هاشمي:
أصغر مرشّحي الرئاسة سناً، والنائب الأول لرئيس البرلمان الإيراني.
جراح ومختص بالأنف والأذن والحنجرة، وكان رئيس جامعة سمنان للعلوم الطبية لبعض الوقت.
أحد أوائل أعضاء حزب "جبهة الاستقرار"، والمتحدث باسمه خلال العامين 1992 و1993، وكان عضواً في البرلمان الإيراني منذ العام 2008، ولا يُعرف حالياً بأي انتماء تنظيمي.
كان أحد الدّاعين إلى الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، في حال تمت إحالة قضية إيران إلى مجلس الأمن الدولي، وكان أحد أكبر الداعمين للقانون الذي أدّى تدريجياً إلى تصعيد برنامج إيران النووي، رداً على الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية.
محسن مهر علي زاده:
سياسي إصلاحي. امتدّت مناصبه السابقة إلى الفترات الرئاسية لكلّ من رفسنجاني وخاتمي وروحاني.
أحد قدامى حرس الثورة. خدم في القوات المسلحة بين العامين 1979 و1981، وتسلّم الموقع الثاني في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية نائباً لرئيسها بين العامين 1993 و1995.
شغل منصب حاكم خراسان في حكومة خاتمي الأولى. وفي حكومته الثانية، كان رئيساً لمنظمة التربية البدنية. وفي فترة رئاسة روحاني، انتُخب حاكماً لأصفهان، لكنه استقال بعد عام واحد فقط، بسبب قانون يحظر توظيف المتقاعدين.
في العام 2005، ترشّح للرئاسة، لكنَّه حصل على أقل عدد من الأصوات.
عبد الناصر همتي:
كان مؤخراً محافظاً للبنك المركزي الإيراني، بعد أن عيَّنته إدارة روحاني في العام 2018 خلفاً لولي الله سيف، الذي وجّهت إليه لاحقاً لائحة اتهام بسبب سوء الإدارة، قبل أن يُقال همتي من منصبه عقب ترشّحه للرئاسة.
عمل سفيراً لإيران لدى الصّين لفترة قصيرة، وكان عضواً في اللجنة الاقتصادية للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ونائباً لمدير الإذاعة والتلفزيون، إضافةً إلى تقلّده عدداً من المناصب، إذ كان رئيس شركة التأمين المركزية الإيرانية، ورئيس المجلس الأعلى للتأمين، ورئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي للعديد من البنوك الكبرى.
هناك اختلاف في الرأي حول توجّهه السياسي، إذ يرى البعض أنَّه إصلاحي، بينما يرى البعض الآخر أنه مستقل. ومن المرجّح أن يسعى إلى جذب تحالفٍ من الإصلاحيين.
من يتصدّر الانتخابات الآن؟
لا تبدو هناك بوادر حتى الآن لحسم أحد المرشّحين الانتخابات من الجولة الأولى، وكذلك هُوية المرشحَين المفضلين للجولة الثانية، لكنَّ آخر استطلاع للرأي أجرته وكالة استطلاع الطلبة الإيرانية (وكالة حكومية) في الفترة الممتدّة من 26 إلى 27 أيار/مايو، يشير إلى تصدّر المرشّح إبراهيم رئيسي، فيما يأتي المرشّح محسن رضائي في المرتبة الثانية، لكنّ الاستطلاع يفيد أيضاً بأنَّ 53% من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد، ما قد يفسح المجال لتقدّم مرشّحين آخرين.