يرى الخبراء المصريون انه في حال سمحت حكومتهم لاثيوبيا إن تبدأ بالملء الثانى للسد، فإنهم سيُحرمون من كمية من المياه تعادل كمية مياه الشرب للمصريين لسنة كاملة بالاضافة لرى نصف مليون فدان، الامر الذي يشكل تهديدا جديا على حياتهم، حتى انهم قارنوا بين الحالة التي سيواجهونها، في حال استمرت اثيوبيا بعملية بالملء الثاني للسد، وبين الحالة الصعبة التي يعيشها اكثر من 3 ملايين سوري، من الذين باتوا يواجهون تهديدا خطيرا لامنهم الغذائي ، بسبب الانخفاض التاريخي في منسوب مياه الفرات في سوريا نتيجة بناء تركيا للسدود على مجرى النهر.
في المقابل ترى اثيوبيا انها ماضية في إجراءات الملء الثاني لسد النهضة والذي يقدر بـ 13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو المقبل، وان هذه الاجرءات لن تؤثر على حصة مصر والسودان في مياه نهر النيل، الا ان حصة كل بلد من الماء لن تكون كما كانت في السابق، فالاتفاقيات السابقة بين الدول الثلاث، كانت مجحفة في حق اثيوبيا، التي من حقهها ان تستخدم مياه نهر النيل بالطريقة التي تساهم في تنميتها الاقتصادية ونهضتها الزراعية.
وزير الري والموارد المائية المصري محمد عبدالعاطي شدد على ضرورة توقيع اتفاق مع إثيوبيا قبيل الملء الثاني مشيرا إلى أنه لو تم الملء دون اتفاق سوف تتأثر واردات مصر بنسبة 27% من إيرادات النيل الأزرق، وهو ما لم تسمح به مصر، محذرا من ان مصر لن تقبل على أي تصرف أحادي وغير قانوني فيما يتعلق بملء سد النهضة، وفي حال عدم امتثال الجانب الإثيوبي لتوقيع اتفاق قبيل المضي في الملء الثاني فإن مصر لديها إجراءات سوف تتخذها.
الاجرءات التي اشار اليها وزير الري المصري، والتي يمكن ان تلجأ اليها مصر للدفاع عن امنها المائي، رجح المراقبون ان تكون عسكرية، لاسيما بعد وصول قوات جوية وأرتال وآليات عسكرية مصرية إلى الخرطوم لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة.
البيان الصادر عن الإعلام العسكري السوداني اعلن عن اكتمال جميع الاستعدادات لبدء التمرين العسكري المشترك بين الجيشين السوداني والمصري تحت عنوان “حماة النيل”، وذلك خلال الفترة، من 26 إلى 31 أيار/مايو الجاري، ويشارك فيها عناصر من كافة التخصصات والصنوف بالجيشين السوداني والمصري.
في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الاثيوبية، دينا مفتي، إن بإمكان القوات المشتركة للسودان ومصر فعل ما يريدان معا، ما دامت أنشطتهما بعيدة عن انتهاك سيادة إثيوبيا، مشددا على أن لإثيوبيا دفاعا على مدار 24 ساعة، وجيشا قويا قادرا على حمايتها.
اللافت ان تصاعد وتيرة التوتر بين الدول الثلاث، مصر والسودان من جانب واثيوبيا من جانب اخر، يأتي وسط جمود دبلوماسي، لم تتمكن من حلحلته محاولات رئيس الاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسيكيدي تشيلومبو والمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، اللذان قاما بجولة في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، لكن دون جدوى.
جميع المؤشرات تشير الى احتمال ان تخرج الامور عن السيطرة، وتتفجر ازمة سد النهضة في اي لحظة، وسط تصلب اثيوبي واضح، وعدم تراجع مصر والسودان عن مواقفهما السابقة، وجمود لافت في الوساطات الاقليمية والدولية، الامر الذي قد يهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها.
بقلم فيروز بغدادي