من الواضح ان الخلافات الراهنة هي تحصيل حاصل لما تراكم في تونس من سلبيات النظام الدكتاتوري السابق الذي ضيق الخناق على الارواح والحريات وعلى اي نشاط كان يستهدف الاعتراض على القمع والاستبداد والقهر.
ان تونس التي مضى على تجربتها الثورية الشعبية التحررية حوالى عقد من الزمن يفترض انها تكون عصية على التراجع الى المربع الاول وهو ما اكدته الوقائع الايجابية حتى الان.
فرؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والرئاسية يمثلون رموزا متقدمة في الفكر والوعي والوطنية ولا خلاف في انهم حريصون جميعا على تجربتهم الثورية التي صمدت خلال الاعوام العشرة الماضية امام الكثير من التحديات والتهديدات الخارجية والداخلية.
لكن ثمة كابوس مزعج يحاصر التجربة التونسية ويحاول الاخلال بالعلاقات التي ينبغي ان تكون متوائمة ومتكاملة بين السلطات الثلاث، الا وهو كابوس الثورة المضادة الذي ليس يزيحه ويبدده سوى الحوار الحضاري بين زعماء البلد حفاظا على الثورة والوحدة الوطنية كما يؤكد زعيم حركة النهضة المفكر راشد الغنوشي الذي شدد على ان الشعب التونسي يريد الديمقراطية وحماية مؤسسات الدولة والدستور ويرفض العودة الى عهد الدكتاتورية.
بدوره فان الرئيس التونسي قيس سعيد هو زعيم وطني بامتياز وقدم نموذجا حيّا في الثورية والتحررية ورفض الدكتاتورية وفي معارضة التدخل الاجنبي في البلاد. كما ان موقفه من القضية الفلسطينية جدير بالاكبار.
من المهم القول اننا لا نشك في نقاء المتخالفين حرصا منهم على تونس وشعبها وثورتها الحضارية، وذلك بسبب حضور الاخلاص في نواياهم وسلوكياتهم التي يمتدحها القاصي والداني.
بيد اننا نخشى ان تتحول تونس الى ساحة صراع حزبي او فئوي يرافقه توترات بين كبار المسؤولين السياسيين في الدولة والبرلمان لاننا حريصون على ان تكون تونس بلدا طليعيا في تطورات العالم الاسلامي وذات ثقل شعبي استراتيجي في الصراع العربي ـ الصهيوني وهو ما تخشاه القوى الغربية والفرانكفونية التي تتحرك لاعادة تونس الى عزلتها وانزوائها كما في عهد الانظمة الاستبدادية البائدة.
بقلم الكاتب والاعلامي / حميد حلمي البغدادي