فالثورة بحاجة الى قائد الميدان وقد أدرك زعيمها الفذ ان تواجده في مقدمة الشعب المجاهد سيكون له فصل الخطاب امام التجاذبات التي كانت تحيط بالنهضة الجماهيرية داخليا وخارجيا.
الثورة الاسلامية جاءت لتزلزل قواعد الامبريالية والاستكبار الاميركي وبالتالي فان قيادتها نحو الانتصار الحاسم تهون دونه التضحيات، ولهذا لم يوفر سماحة الامام الخميني (قدس سره الشريف) روحه الطاهرة في هذا المسار فانتقل من ضاحية نوفل لوشاتو الباريسية الى طهران وهو يحمل هدف الامة الثائرة في ايران مفوتا الفرصة على واشنطن وحليفاتها من تحقيق مؤامرتها بجعل الثورة تدور في حلقة مفرغة.
العالم الاسلامي كله انبهر بذلك المشهد التاريخي الذي صور الامام الخميني عائدا بالطائرة الى الوطن وهو بكامل الاطمئنان والسكينة يغمره الامل الكبير بتطهير ايران من دنس العمالة للاميركان والصهاينة، واعادة شعبها المؤمن الى حاضنة الامة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر والمؤمنة بالله.
لقد كان شعور جميع ابناء الامة وهم يعايشون ارهاصات الثورة ومخاضاتها، شعورا طافحا بالدعاء والمباركة وهم ينتظرون ما ستؤول اليه مجريات الاحداث والتطورات في ايران وذلك بلحاظ الاعداد الكثيرة من الشهداء والجرحى الذين سقطوا على اعتابها في طول البلاد وعرضها.
كانت هناك مخاوف كبيرة من الخطر الذي يمكن ان يتهدد الثورة وهي تحمل رسالة الاسلام وادبيات مدرسة آل البيت النبوي الشريف الداعية الى مقارعة الباطل مهما بلغت لاجل ذلك التضحيات.
فالامة كانت وماتزال تعي ان عودة الاسلام الى الظهور على المسرح العالمي يعني نهاية المرحلة التي كان الغرب فيها يعربد في العالم كما يحلو له.. فالاسلام هو دين المستضعفين وملاذ المحرومين الذين يبحثون عن الحرية والكرامة والاستقلال بعيدا عن اية تبعية او ارتهان.
وازاء ذلك رأينا وشعوب الارض كافة ان عودة الامام الخميني الى ايران قد انعكست بفرحة غامرة على عموم احرار العالم الذين وجدوا في هذا الشيخ الشجاع والقائد المضحي تجسيدا لكل ما يجول في خاطر المناضلين الشرفاء الرافضين للاستكبار والساعين الى التحرر والانعتاق من ربقة زعماء القوة والمال الذين يعتاشون على دماء الشعوب وثرواتهم ومقدراتهم.
ان عودة الامام الخميني كانت مفتاح انتصار الثورة الاسلامية بعد ايام قليلة ومنطلقا للتغيير الاستراتيجي الذي تحظى به ايران اليوم وفي مستويات متقدمة جدا.
بقلم حميد حلمي البغدادي