الحرب الداخلية، بإمكان ترامب إشعالها، سواء عبر التفجيرات التي ربما جاء تفجير مدينة ناشفيل صبيحة عيد الميلاد نموذجاً عنها، أو عبر افتعال الأجهزة الإستخباراتية والأمنية إشكالأ مع بيئة السُود الأميركيين، أو مع شريحة من الأقليات ذات الأصول اللاتينية، وذلك بهدف تقويض الإستقرار الأمني وفتح الباب على احتمالات إعلان الأحكام العُرفية، وهو إجراء حصري يستطيع أي رئيس أميركي اتخاذه ما دام في البيت الأبيض، ولكن، أي إضطراب أمني سوف يستمر لما بعد العشرين من يناير/كانون الثاني، وأول الخاسرين بنتيجته لسنوات طويلة قادمة سيكون الحزب الجمهوري، الذي يتحمَّل أدبياً مسؤولية كل أخطاء ترامب خلال ولايته بشكلٍ عام، وخلال الفترة التي تلت هزيمته الإنتخابية بشكلٍ خاص، لأن الديموقراطية التي تتباهى بها أميركا، قد سقطت في التجربة القاتلة مع شخص براغماتي سلطوي مثل دونالد ترامب.
والحرب الخارجية هي إفتراضية استعراضية كلامية أكثرمنها واقعية، لأن إيران هي التي تتصدَّر لائحة أهداف ترامب، والولايات المتحدة بكل قوتها وجبروتها وجنون الخاسر ترامب، لن تجرؤ الدخول بأكثر من مناوشات في المحيط الإقليمي لإيران، سواء عبر إرسال غواصة أميركية لمُلاقاة أخرى إسرائيلية في مياه البحر الأحمر، أو عبر تحليق طائرة بي 52 في أجواء الخليج (الفارسي).
وإذا كانت الحرب الداخلية التي يزعم أنصار ترامب قدرتهم على إشعالها، ستكون محصورة ضمن ولايات محددة، ومُدُن معروفة بفلتانها الأمني لوجود الأسلحة في متناول القوى اليسارية المُثيرة للشغب فيها لأكثر من سبب، فإن الحرب الخارجية سوف تفتح نار جهنم على أميركا وقواتها ومصالحها وربما على حلفائها في منطقة الخليج (الفارسي) وغرب آسيا.
وفي المُحصِّلة، يأتي دور “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة للفصل بين المُتخاصمَين السياسيين ترامب وبايدن، وجلسة الكونغرس المقررة في السادس من يناير/ كانون الثاني هي الحاسمة، إما للبتّ بصحَّة انتخاب المجمع الإنتخابي لجو بايدن رئيساً، وإما أن هذه الجلسة ستسودها البلبلة، ويستخدم فيها بعض الجمهوريين ذرائع وإدعاءات التزوير الإنتخابي لوضع العصي في دواليب المركبة التي ستنقل بايدن الى البيت الأبيض، لكن هذا السيناريو أيضاً مُستبعد لأنه سيضع نحو 80 مليون أميركي اختاروا بايدن بمواجهة نحو 75 مليون اختاروا ترامب، وهذه المُناصفة التقريبية على المستوى الشعبي، سوف تُشعِل شوارع وتحرق ولايات، وتُفكك فيدرالية هشَّة، وهذا ما ليس في مصلحة الدولة العميقة، لأن الإضطرابات سوف تشمل معظم الولايات ونهايتها الحتمية ستكون نهاية إتحاد ما تُسمى الولايات المتحدة…
الكاتب: أمين أبوراشد