الاجتماع المصري ـ السعودية ـ الاردني الاماراتي بشأن سوريا اكتفى برسائل ايجابية خجولة لدمشق حملت نوايا طيبة واشادات بصمود الجيش السوري بوجه مشروع الاخوان المسلمين بقيادة تركيا، ولم يقر المجتمعون اي خطوات عملية للدعم في مواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة وتحديدا على صعيد مادة الخبز التي ظهرت في الايام الماضية، وهذا المنحى لم يفاجئ دمشق التي لا تعيش اوهاما بشأن اي دعم عربي او تبدلا في المواقف خارج القرار الاميركي الرافض لاي علاقة مع الرئيس بشار الاسد حتى الان، او تقديم اي دعم جدي يقتصر على المساعدات الاجتماعية والانسانية وتحديدا من قبل عمان والامارات وارتفع مؤخرا بحجة مواجهة كورونا وهذا لا يعتبر مخالفا للعقوبات الاميركية فيما الاردن فتح حدوده ومعابره وشكل ذلك مصلحة اقتصادية لعمان المخنوقة بأزمة كبيرة قبل دمشق.
اما مصر الغارقة بمشاكلها فكانت اكثر ادراكا لخطر الاخوان المسلمين ومشروعهم ودور دمشق في اسقاطه وهذا يشكل حماية للدولة المصرية والدول العربية، ولذلك كانت الاكثر اعتدالا في الموقف من سوريا وبقيت الاتصالات قائمة بين قيادتي الجيشين المصري والسوري عبر زيارات متبادلة وتعاون امني تمثل احيانا بزيارات تفقدية لكبار ضباط الجيش المصري لخطوط التماس مع الجيش التركي والارهابيين في ادلب وعدة زيارات لرئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل الى دمشق ولقاء الرئيس الاسد واللواء علي المملوك الذي بدوره زار القاهرة عدة مرات والتقى الرئيس السيسي، ومن هنا كانت مصر الاكثر راديكالية في اعادة العلاقات مع دمشق خلال الاجتماع الاخير وحاولت اقناع الرياض المترددة حتى الان والمصرة على عدم تجاوز الموقف الاميركي من دمشق.
وحسب مصادر متابعة للعلاقات العربية مع دمشق، يبقى الموقف السعودي هو المعرقل لاي انفتاح، ويتماهى الى اقصى الحدود مع الموقف الاميركي المتصلب تجاه الرئيس بشار الاسد ولن تقدم الرياض على اي خطوة ايجابية طالما الرئيس الاسد الى جانب طهران في كل ملفاتها ولن ينسى دورها ووقوفها الى جانبه في عز المؤامرة الكونية عليه بقيادة واشنطن وكانت الرياض شريكا اساسيا في كل ما اصاب الشام واهلها.
لذلك لن تشهد العلاقات السعودية ـ السورية اي خرق ايجابي خارج بعض الخطوات العادية كالافراج عن طائرتين مدنيتين سوريتين احتجزتهما الرياض 2017 والسماح مؤخرا للشاحنات السورية بدخول الاراضي السعودية، لكن ذلك لن يشكل مسارا جديدا في العلاقات رغم انسحاب الرياض عسكريا منذ سنتين من سوريا بعد سيطرة الجيش السوري وحزب الله على مواقع المسلحين المحسوبين على الرياض في ريف دمشق والذين اعلنوا الولاء لتركيا بعد انسحابهم الى ادلب.
حتى ان الاجتماعات السورية ـ السعودية التي عقدت برعاية القاهرة اظهرت تباعدا كبيرا ترجم بتوترات ساخنة خلال اللقاءات، وبالتالي فان العرب لا يملكون اي اوراق في دمشق حاليا في ظل العباءة التركية على كل المسلحين في ادلب، فيما المعارضات الاخرى تشتت في فنادق باريس وواشنطن وبعضها في روسيا.
اما المعارضة المتواجدة في مصر فلم تقطع علاقاتها مع دمشق وتحديدا هذه الايام لمواجهة الجانب التركي وبالتالي فان العلاقة بين سوريا وكل الدول العربية قد تشهد مسارا مختلفا وهناك رسائل مع كل دول المغرب العربي حتى دول الخليج (الفارسي) بما فيها البحرين باستثناء الرياض التي توازي بين الخطرين التركي والايراني وتعتبرهما الخطرين الاكبرين عليها وهذا ما يفرمل اي تطور ايجابي في العلاقة بين الرياض ودمشق المصرة على الوفاء لحلفائها «ليوم الدين والآخرة» ولا تريد رضى الرياض او غيرها، والذين يتحدثون عن خروج ايران او حزب الله بقرار من الدولة السورية فهم حالمون ولا يعرفون موقف الاسد وبالتالي لن يكون الانسحاب اذا حصل الا بقرار من قيادة حزب الله والقيادة الايرانية بعد اسقاط كل خيوط المؤامرة وفتح طريق بيروت ـ دمشق ـ بغداد ـ طهران بشكل كامل ومن دون مطبات وألغام في البوكمال حيث النقطة الوحيدة التي ما زالت مزروعة ببعض الالغام الاميركية.
وحسب المصادر المتابعة للملف السوري، المأزق يعيشه اليوم كل الذين حاصروا الحرب على دمشق، والتطبيع لن يبدل المشهد العربي مع تقدم محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وهذه الساحات تقرر مصير المنطقة، ولا حلول اميركية وروسية واوروبية خارج المفاوضات مع هذه العواصم اذا كان الهدف الوصول الى سلام في المنطقة، فسوريا اليوم تعرف ماذا يجري حولها وتعرف اوراق القوة التي تمتلكها وقوة حلفائها والتبدلات الدولية وتتعاطى معها بقوة ودقة ومهارة، وصمود دمشق حمى كل العواصم العربية واثبت صحة قراءتها للتطورات وسبقت الجميع في التحذير من خطر مشروع الاخوان المسلمين ولو سمعوا منها لكان العرب وتحديدا السعودية في وضع افضل واقوى وسقف شروطها اعلى في هذه المرحلة الدقيقة.
رضوان الذيب - "شام تايمز" عن "الديار"