حديث خان، جاء خلال مُقابلة محليّة، كان الموضوع الأبرز فيها، موقف باكستان، من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تردّد أنّ هذا البلد الإسلامي، سيكون ضِمن عشر دول قادمة ستعترف بالكيان الإسرائيلي، وتلك الدول لم يذكرها صراحةً الرئيس الأمريكي “المُنتهية ولايته” دونالد ترامب، والرّافض الاعتراف بخسارته أمام مُنافسه الديمقراطي جو بايدن.
عمران خان، تجنّب الإشارة بشكلٍ صريحٍ إلى الدول التي “ضغطت” على بلاده، للاعتراف بالاحتلال، لكنّه أكّد بشكلٍ واضحٍ على وجود هذه الضغوط، وأنّه لن يعترف بالاحتلال الإسرائيلي، حتى التوصّل إلى تسويةٍ عادلةٍ مع الفلسطينيين.
قد يكون خان لم يُشِر صراحةً إلى أنّ دولاً مثل السعوديّة، والإمارات، قد ضغطوا على بلاده للتطبيع، وتجنّب ذكرهم بالاسم، لكنّه شرح طبيعة عدم ذكره هذه البلاد بالاسم، كون بلاده تجمعها علاقات جيّدة معهم، وفي الإطار الاقتصادي في المقام الأوّل.
موقف رئيس الوزراء خان “المُتحفّظ” هذا، لعدم الإضرار بعلاقاته مع دول خليجية اقتصاديّاً، يبدو أنه قابل ليُصبح أكثر مُرونةً، وصراحةً، ومُكاشفةً، وتحديدًا في الوقت الذي تقف فيه باكستان على أقدامها فيما يتعلّق بالاقتصاد، وبعد ذلك يُمكن طرح أسئلة فيما يتعلّق بذكر أسماء الدول التي ضغطت على خان للتطبيع كما قال.
الرئيس خان، قالها صراحةً: “دعونا نقف على أقدامنا فيما يتعلّق بالاقتصاد، وبعد ذلك يُمكنك طرح هذه الأسئلة”، المُحاور في المُقابلة، كان قد حاول استنطاق رئيس وزراء بلاده، فيما إذا كانت تلك الدول التي ضغطت على خان، مُسلمة، فأجابه خان، دعك من السؤال، فهُناك بعض الأشياء لا يُمكننا قولها، وسؤال المُحاور هُنا يُشير إلى السعوديّة، والإمارات، بطبيعة الحال، حيث الإمارات، والبحرين، أقامتا علاقات كاملة مع الدولة العبريّة.
وكان لافتاً بحديث خان، أنه حاول شرح طبيعة “التنازلات” التي يُمكن لبلاده الذهاب إليها، فكما قال الحياة فيها الكثير من تقديم التنازلات، لكن هُناك تنازلات لا يُمكن تقديمها، وعلى رأسها الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، فخان كما أكّد ليس لديه أيّ أفكار أُخرى بشأن الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، ما لم تكن هُناك تسوية عادلة تُرضِي الفلسطينيين، كما السّير على خُطى المُؤسّس للبِلاد، محمد علي جناح الذي رفض الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي مِرارًا، وتِكرارًا.
الضّغوط السعوديّة والتي لم يتطرّق لها خان بالاسم، أصبحت في مرمى معرفة الإعلام الباكستاني، والشارع الباكستاني من خلفه، وهو الشارع المُتشدّد لقضاياه الإسلاميّة، والذي لا يرحم في مسائل تتعلّق بالاعتراف بالكيان الصهيوني، وردّات فِعله على الإهانة التي صدرت من قبل فرنسا، ورئيسها بحق نبيّ الإسلام محمد صلى الله عليه وآله ، كانت دليل بارز في سياق ردّات فِعل هذا الشارع الغاضبة، والتي لن ترحم أيّ رئيس وزراء باكستاني، قد يُفكّر بالتطبيع، فتطبيع باكستان الإسلاميّة وما لها من مكانة في الشارع الإسلامي، ما قبل السعوديّة، قد يخدم التيّار الدّاعي للتطبيع مع الاحتلال في الداخل السعودي، وقد يجعل إقدامها (السعوديّة) على تلك الخطوة أسهل عربيّاً وإسلاميّاً.
عمران خان، كان صريحاً كما يرصد مُعلّقون، بالاعتراف بتبعيّة بلاده للمُساعدات السعوديّة، والخليجيّة، لكنّه أرسل رسائل لافتة لتلك الدول، وشعبه من خلفهم، من خلال تعريجه على تنازل النبي محمد الأكرم صلى الله عليه وآله حين اضطرّ لتنازل أو صُلح الحديبية مع كفّار قريش، ورفض الصحابة له، واعتباره تنازلاً من النبيّ، حيث تبيّن لهم لاحقاً أسباب هذا الصّلح حقناً لدماء أهل مكّة، وفتحها لاحقاً، لكن في المُقابل لم يتنازل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله حين تعلّق الأمر بالعقيدة والتوحيد، حين طلب منه كفار قريش الكف عن دعوته، فأجابهم بردّه الشهير: لو وضعوا الشمس في يميني… إلخ.
ومن غير المعلوم فيما إذا كانت دول “الضغط” على باكستان التي لم يذكرها خان، ستتراجع عن دعمها الاقتصادي، كون إسلام أباد، رفضت أن تكون أولى الدول الإسلاميّة المُطبّعة مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن حديث خان المُتحفّظ على ذِكرها مُباشرةً، يشي بوجود الكثير من المصالح الخليجيّة لدى باكستان النوويّة، وجيشها، التي تتعدّى ملف التطبيع، والخِيار الباكستاني الرّافض له بانتظار أن تقف باكستان على أقدامها كما قال رئيس وزرائها، وبالتّالي استمرار الدعم الخليجي الاقتصادي لإسلام أباد.
الكاتب : خالد الجيوسي / رأي اليوم