ثمة سؤال يطرح نفسه في المشهد الحكومي.
فبعد اكثر من ثلاثة اسابيه ورغم المساعي المتسارعة للخروج بتوليفة حكومية تحاكي الواقع اللبناني المأزوم على اكثر من صعيد يبدو ان الفراغ الفراغ بات اللاعب الأقوى على الساحة اللبنانية، وهو المُرافق لمختلف استحقاقاتها، ولم يتمكن حتى الان من خرق جمود الملفّ الحكوميّ، بعدما أنهى الإيجابية المفرطة التي طبعت الأيام الأولى، والتي سرعان ما تبيّن أنّها كانت وهمية ، غير مستندة إلى أيّ وقائع أو معطيات حسّية أو دامغة.
وترى المصادر المتابعة انه على رغم حالة التكتّم التي لا يزال رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يصرّ على اعتمادها في مقاربة المتغيّرات الحكوميّة، معطوفةً على الإيجابية الخجولة من حيث التقدم في ملف التاليف و التي تتعمّد أوساط رئيس الجمهورية ميشال عون على الإيحاء بوجودها، يؤكد العارفون أنّ لا جديد يُذكَر على خطّ الملفّ الحكوميّ، بل إنّ الأمور عادت في الأيام الأخيرة إلى المربّع الأول . وفي وقتٍ يعوّل كثيرون على المساعي المبذولة من جانب الفرنسيّين في سبيل إنعاش مبادرتهم، وهو الهدف المُعلَن لزيارة مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل التي بدأت لبيروت، ثمّة من يبالغ في التشاؤم ، وصولاً إلى حدّ الاعتقاد أنّ الحكومة رُحّلت إلى الربيع المقبل، وربما إلى ما بعد بعده .
وتتابع المصادر.. قد يكون أبلغ تعبير عن الضائقة الحكوميّة، الاقتراح الذي خرج به بعض المقرّبين من التيار الوطني الحر ، أو المحسوبين عليه، في الساعات الأخيرة، من دعوةٍ متجدّدة إلى تعويم حكومة حسّان دياب، أو حتى إلى عودة الأخير عن استقالته، في محاولةٍ لـ التضييق على الرئيس المكلّف سعد الحريري، كما يقولون.وبمُعزَلٍ عن أنّ هذا الاقتراح، الذي سبق أن وُضِع في التداول، منذ أيام تكليف السفير مصطفى أديب، وبالتالي ليس قابلاً للحياة بأيّ شكلٍ من الأشكال، إلا أنّه يدلّ على عمق الأزمة الحكوميّة التي يتخبّط بها الجميع، ولو أصرّ اللاعبون على خطها على نفيها ليلاً ونهاراً، من دون تقديم أيّ إشاراتٍ جدّية من شأنها دحضها بعيداً عن الرهان على متغيّرات أو ضغوط خارجيّة يمكنها قلب المعادلات.
وتتابع المصادر المواكبة في حين لا يستبعد البعض أن يكون خلف هذا الطرح محاولة لجرّ الحريري إلى الاعتذار ، خصوصاً أنّ التيار الوطني الحر الذي لم يبلع تسميته من الأصل، لا يبدون جاهزا للتعامل معه، فإنّ معنيّين بالملفّ الحكومي يجزمون أنّ هذا الخيار لا يزال حتى الآن غير وارد، علماً أنّ الدستور لا يقيّد الحريري بأيّ مهلةٍ للتشكيل، وهي نقطة قوّة يمكنه استثمارها، ولو أنّه يريد أن يلزم نفسه بمهلةٍ معيَّنة، لأنّ وضع البلد لا يحتمل ترف المماطلة.
من هنا فإن الرئيس المكلّف ليس مقيَّداً بأيّ مهلة، والاعتذار غير واردٍ حتى إشعارٍ آخر، ثمّة من يؤكد أنّ هناك مهلة غير مُعلنة لتشكيل الحكومة، أقلّه وفقاً لمقتضيات المبادرة الفرنسية، لا تتجاوز الأيام القليلة، أو الأسبوعين على أبعد تقدير، خصوصاً على أعتاب مؤتمر الدعم الفرنسيّ المُعلَن والذي تهدد فرنسا بتعديله ليصبح خارج سيطرة الحكومة ومسندا الى جمعيات مدنية ينطوي مآربها على اكثر من علامة استفهام.
ويقول العارفون إنّ هذا المؤتمر لا معنى ولا قيمة له إن عُقِد من دون وجود حكومة، وإنّه في أحسن الأحوال قد يتحوّل من مؤتمر دعم اقتصادي، إلى مؤتمر محصورٍ بمهمّةٍ إنسانيّة على طريقة مساعدة وإعانة العائلات اللبنانية المتضرّرة من انفجار مرفأ بيروت المشؤوم، والتي لم تجد بعد أكثر من 100 يوم على المأساة، المساندة المطلوبة من جانب الدولة والمنظمات الإغاثية المعنية .
من هنا، يشير البعض إلى أنّ أمام القادة اللبنانيين فرصة أخيرة للاستفادة من المبادرة الفرنسية، وإلا فإنّ المبادرة تصبح فعلاً في خبر كان ، ولو أنّ البعض بدأ يتصرّف وفقاً لهذا المُعطى، وحينها قد لا تبصر أيّ حكومةٍ النور في المدى المنظور، وإن فعلت، فهي ستكون نسخة غير منقّحة عن حكومة حسّان دياب، خصوصاً لجهة التعاطي الدولي معها، ما يزيل صفة الإنقاذ سلفاً عنها، ويستبدلها ربما بصفة الإغراق ، وهنا الخطر الأكبر. تختم المصادر.
الكاتب : حسين عزالدين