وفي هذه الاحوال لابد من خطاب اسلامي موحَّد يأخذ على عاتقه حماية الدين الاسلامي وقيمه ومنطلقاته الكريمة ممن يكيدون له ويعملون على استفزازه بسلوكيات تنم عن الحقد الدفين للرسول الاكرم (ص) وتضمر العداء للقرآن المجيد والاسلام العظيم وتسعى الى زعزعة معتقدات المؤمنين بهما لغاية في نفوس الاستكبار العالمي.
من المؤكد ان علماء الامة ومفكريها ونخبها السياسية والثقافية مطالبون اليوم وفي مواجهة هذه الهجمة المسعورة بتقديم الخطاب الاسلامي الحضاري الأصيل الذي يفند زيف الادعاءات الغربية الرامية الى تكريس مقولة الاسلام فوبيا ولاسيما بعدما احتل الاميركان والصهاينة دولا ومناطق حيوية في غرب آسيا تهدف الى حلبها من ثرواتها البترولية والاستحواذ على الطرق الاستراتيجية فيها وهو امر خلّف واقعا مريراً على مستوى ابناء الامة الاسلامية.
ولا يخفى ان الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين والقدس ومناطق شاسعة من سوريا ولبنان والاردن، يمارس دورا بغيضا على صعيد دعم الجماعات الارهابية المتطرفة واشاعة الفتنة الطائفية وهو يسعى الى اجبار البلدان المتخاذلة على الارتماء في احضان التطبيع والاعتراف بدولته الغاصبة والتزيين لها ايضا بالتخلي عن دعم المجاهدين والمقاومين بوجه التوسع الاميركي- الاسرائيلي في غرب آسيا.
لقد نجح الاستكبار العالمي في بث الفرقة والاختلاف والتنافر بين اوساط الامة الاسلامية وهو ما ادى بالنتيجة الى اضعاف صدى اصوات الحكماء والعقلاء والصالحين نتيجة طغيان صوت الفتنة والبغضاء والتطرف الارهابي بين ظهرانينا وفي المهاجر وهو ما يستدعى اليوم الاتفاق على استراتيجية موحدة تؤهل الشعوب للدفاع عن عقيدتهم ومقدساتهم وقيمهم النبيلة في مواجهة الدعايات الغريبة ـ الصهيونية المشربة بالحقد والكراهية ضد الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تجلت عبر الرسوم الكاريكاتورية وقبلها من خلال القيام بحرق القرآن الكريم وغير ذلك من الممارسات الخبيثة.
لقد ساهم الكثير من علماء الامة ودعاتهم وخطبائهم ومثقفيهم في العديد من مؤتمرات الفكر والوحدة الاسلامية ومنتديات الحوار بين الاديان وقد حققوا منجزات وحدوية مفيدة على مستوى تاصيل الحوار الحضاري وتحكيم لغة العقل والمنطق. وها هم يحتفلون اليوم باسبوع الوحدة الاسلامية عبر مؤتمر عالمي هو الرابع والثلاثين يُعقد عبر (الفيديو كنفرانس) بمبادرة المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ومشاركة نحو ٢٠٠ شخصية عالمية.
انها فرصة جوهرية لكي يتفق العقلاء على بلورة خطاب واضح الاهداف والمعالم موجه للآخر المختلف معنا فكريا وايصال رسالة للمتجبرين ايضا في الغرب المتصهين مفادها ان مؤامراتهم العدوانية ستعود عليهم بالخيبة لان الاصل هو اننا امة محمدية اصيلة مبادئها التسامح والنبل والمحبة واننا نرفض العدوان على الامم والشعوب كما فعل الاستعمار والغزاة الغربيون والصهاينة طوال اكثر من ١٥٠ عاما مضت.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي