عرفت هذه الشعيرة في زمن الشيخ مرتضى الأنصاري، وبعد ذلك أعيد إحياؤها على يد الميرزا حسين النوري في اواخر القرن 12 هجري قمري. لكن منذ العام 1425 هجري قمري (2003 م) وبعد سقوط حزب البعث في العراق وانهيار حكومة الغدار صدام، انتعشت هذه العادة وعادت لتزدهر بشكل متزايد ومستمر، لا يعرف التضاؤل ولا الخبو.
هذه الشعيرة الشيعية الكبرى تحولت في العقد الاخير، بإقرار مراكز الاحصاء العالمية المعتبرة، الى أعظم تجمع بشري سلمي في تاريخ البشرية؛ اجتماع عظيم لا نظير له لمسلمي البلدان المختلفة، وحتى من أتباع سائر الأديان، يتمركز في أكثر مناطق العالم اشتعالا واضطرابا (غرب آسيا)، يجتمعون بشوق عارم في كل عام بعزيمة وإصرار.
هذا التجمع العالمي له ابعاد ثقافية اجتماعية وتاريخية مختلفة؛ أهمها أن تجمع الاربعينية العظيم لا يرتبط بأي حكومة، أو حزب أو جماعة سياسية خاصة، بل إن الجو الحاكم على واقعة هذه الشعيرة اللامتناهية، ليست سياسية ولا حزبية؛ إنما الجو الغالب عليها يتلخص بالإيثار، التضحية، الخدمة والاحسان غير المشروط الى محبي ابي عبد الله الحسين (ع) وعشاقه.
هذا النوع من المحبة، والسلام والاخلاص الذي ينتشر في كل أبعاد زيارة الاربعين الجغرافية ويجري مثل نهر لا ينضب، ناشئ من الروح القدسية والمزار العرشي الذي يرقد فيه الحسين بن علي (ع) واهل بيته واصحابه الشهداء. هذه الشمس الساطعة والدافئة، هذه الرحمة، والكرامة والهداية الحسينية والزينبية، هي الشعار المشترك والقيمة الجامعة لجموع الزوار المليونية، هؤلاء العشاق المشتاقين حتى أنهم حملوا بوقوفهم في مشعر كربلاء الحسين (ع) قيم الحسين وشعار لبيك يا حسين، لبيك شبيهة بلبيك الحجيج في موسم الحج، التي تجسد معاني التوحيد والعشق والوحدة.
بقلم:عباس خامه يار
المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان