ففي يوم الاثنين الموافق 8/10/1990 وقبيل صلاة الظهر، حاول مستوطنون من ما يسمى جماعة "أمناء جبل الهيكل"، وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في المسجد الأقصى، فتصدى لهم آلاف المصلين.
وتدخل حينها جنود الاحتلال، وفتحوا النار بشكل عشوائي تجاه المصلين المعتكفين في المسجد، ما أدى إلى استشهاد 21 مواطنا، وإصابة أكثر من 200، واعتقال 270 آخرين.
وقبل المجزرة بنصف ساعة، وضعت قوات الاحتلال الحواجز العسكرية على كل الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، لمنع المصلين من الوصول إليه؛ لكن المصلين كانوا قد تجمعوا في المسجد قبل ذلك التوقيت بساعات، في استجابة للدعوات التي أطلقها المرابطون داخل المسجد.
بقي جنود الاحتلال في الساحات، ومنعوا إخلاء جثامين الشهداء والجرحى، إلا بعد ست ساعات من بداية المجزرة.
وكانت سلطات الاحتلال وزعت قبل المجزرة بأيام قليلة بيانا تدعو فيه اليهود للمشاركة في مسيرة إلى المسجد الأقصى، لمناسبة "عيد العرش"، وأعقب ذلك تصريح للمتطرف "غرشون سلمون" قال فيه: "يجب على اليهود تجديد علاقاتهم العميقة بالمنطقة المقدسة".
لمواطن عاكف اشتية (58 عاما) كان احد شهود المجزرة، وقال في حديثٍ إعلامي: إنه "كان موجودًا مع حراس الأقصى قرب باب المغاربة غرب المسجد الذي كانت خلفه تعزيزات كبيرة من جيش الاحتلال على أهبة الاستعداد".
وأضاف أن في المسجد فحضر آلاف المصلين الذين كانوا يستمعون لمواعظ عبر السماعات الخارجية بصوت الشيخ حامد البيتاوي.
وأوضح اشتيه، أن يوم المجزرة كان الوضع هادئًاـ وتابع :سمعت بأذني ضابطا إسرائيليا يدعى تسيون عزرا يقول بالعبرية لمن بجانبه "أنا أنتظر حجرا صغيرا يضربه الفلسطينيون على الكوتل (في إشارة إلى حائط البراق)، وسأريك حينها ماذا سأفعل بساحة جبل الهيكل (في إشارة إلى الأقصى)".
وفي هذا اليوم، فصلت النساء على سطح قبة الصخرة المشرفة منعًا لاختلاط الجموع، وتواجد الرجال في محيط المصلى القبلي، وعقب ذلك سمع اشتيه أصوات النساء يصرخن ويستنجدن، فهب الرجال إليهن ليروا أعدادا منهن قد فقدن وعيهن بفعل قنابل الغاز التي أطلقها الاحتلال من نوافذ وسطح المدرسة التنكزية المحتلة قرب باب السلسلة.
وبدأ المصلون الغاضبون برمي الحجارة باتجاه باب المغاربة، فاقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال المسجد من جميع الاتجاهات، وبدأت بإطلاق عشوائي للرصاص المطاطي والحي وقنابل الغاز.
أغلقت قوات الاحتلال المسجد ليومين كاملين بعد الانتهاء من المجزرة، ومنعت المصلين من دخوله، باستثناء موظفي الأوقاف الإسلامية.
ولا تزال قوات الاحتلال تنفذ سياساتها العنصرية بحق المقدسيين والمصليين الفلسطينيين، الذين يتم منعهم من الوصول للمسجد الأقصى تحت حجة "الإغلاق ومكافحة كورونا"، إنما حقيقة هي جزء من مخططات تفريغ المسجد الأقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا.