اللافت ان الطريقة التي يشغل بها وعاظ السلاطين واشباه علماء الدين ، الشباب باتت مكشوفة، فالفتاوى التي يطلقها هؤلاء مثل فتاوى ارضاع الكبير، وشرب بول البعير، وجماع الوداع، وجهاد النكاح، وحرمة الخروج على الحاكم حتى لو كان يزني ويلوط كل يوم نصف ساعة وامام الملأ، و..، تظهر ويروج لها عبر وسائل اعلام وجيوش الكترونية تابعة لمملكات النفط والغاز، بالتزامن مع الاحداث الكبرى التي تشهدها البلدان العربية.
الا ان المؤسف ان يقوم علماء كبار في الامة حتى لو كان دون قصد بهذا الدور، الذي يعتبر ملكية خاصة لمشايخ الوهابية ومن يتبعهم من مشايخ التكفير والسلفيين في البلدان العربية والاسلامية، ففي الوقت الذي تواجه مصر مؤامرة كبرى لتعطيش شعبها وحرمانها من حقها في مياه النيل من خلال بناء سد النهضة الاثيوبي بمساعدة الكيان الاسرائيلي، وفي الوقت الذي ينشغل العالم العربي والاسلامي بالمؤامرة الخطيرة التي تواجه الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته بالتواطؤ بين مشيخات الخليج الفارسي والكيان الاسرائيلي، نرى مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام ، ومن دون ان يراعي الاولوية للاحداث التي تشهدها الساحتين المصرية والعربية، يفجر قضية، تحولت الى مادة دسمة للاعلام السعودي والاماراتي والبحريني الرخيص، وهي قضية "تعطر المرأة" ، وهل "تعطر المرأة" حرام أم حلال؟!.
ان تحديد اولويات المرحلة، والعمل على تجنيد كل الامكانيات لمواجهة التحديات الخطيرة والحقيقة التي تعترض الامة، وعدم اهدار هذه الامكانيات في قضايا جانبية ليست ضمن اولويات الشعوب العربية، يجب ان تكون على قائمة اهتمام الجهات والاحزاب والشخصيات التي ترفع شعار الاسلام، ولكن للاسف نرى نكوصا خطيرا من قبل بعض هذه الجهات عن المبادىء والاهداف التي كانت تدعي على مدى عقود طويلة ، انها تعمل لتحقيقها، وعلى راس هذه الاهداف القضية الفلسطينية، كما ظهر ذلك جليا من موقف الجهات التابعة لجماعة "الاخوان المسلمين" في البحرين، والتي ليس لم تندد بتطبيع النظام الخليفي مع الكيان الاسرائيلي فحسب ، بل اخذت تتلمس الاعذار له.
الاخوان المسلمون في البحرين، ورغم تاييدهم للاجراء العار والخياني للنظام الخليفي في التطبيع مع عدو الامتين العربية والاسلامية، يكونوا كمن انتحروا سياسيا، فقد تخلوا عن مبادىء حركة الاخوان المسلمين من جانب، ولن يحصلوا على شيء في المقابل نظرا لهيمنة الامارات على القرار البحريني، والمعروف ان الامارات تعتبر الاخوان من الدّ اعدائها ولن يحصلوا بالتالي على اي حظوة لدى الاماراتيين، وكل ما سيحصلون عليه هو انهم سيكونون اقرب الى السلفيين التكفيريين ولا يتعرض لهم النظام الخليفي ويعتقلهم كما اعتقل احرار البحرين من شيعة وسنة ويساريين وقوميين ومستقلين، من الذين كانوا دقيقين في تحديد اولويات المرحلة، حيث تتربع القضية الفلسطينية على قمتها، ولم ينخرطوا في لعبة الفتاوى والجدال العقيم وإلهاء الشباب العربي خدمة للانظمة الاستبدادية والتغطية على خياناتها.