كتب ومقالات طويلة ولقاءات أطول، تصدر وتنشر وتبث يوميا في الغرب وامريكا، زاخرة بالمعلومات الصحيحية، ولكن بقراءة متأنية وباستماع دقيق يمكن الكشف عن “الكذبة” التي يراد منا ان نصدقها، وهذه “الكذبة” هي الهدف الرئيس من وراء الكتاب او المقال او اللقاء، و”الكذبة” عادة ما “تُمجّد القوة والذكاء والتقدم والتطور للانسان الغربي، وتنتقص من الاخر، وهو عادة ما يكون العربي والمسلم عبر إظهاره بالعاجز والضعيف والمتخلف”، تكثيفا للصورة النمطية التي رسمها ويرسمها الغرب للاخر غير الغربي.
يمكن اعتبار كتاب “الغضب” للصحفي الامريكي المعروف بوب وودوارد الذي من المقرر ان يصدر قريبا، بأنه “خير مثال” على الطريقة التي يتعامل بها الغرب مع الاخر، حيث “دس” وودوارد “كذبة كبرى” بين “كومة” الحقائق، وهي بالمناسبة “حقائق” معروفة عن شخصية الرئيس الامريكي دونالد ترامب، التي سردها في كتابه، والتي كشفت وسائل إعلام أمريكية مقتطفات منه.
“الكذبة الكبرى” التي دسها وودوارد في كتابه: كما ذكرت صحيفة “بيزنس إنسايدر”، هي ان ترامب لم يبحث جريمة اغتيال قائد فيلق القدس الشهيد الفريق قاسم سليماني الا قبل 4 أيام من تنفيذ الجريمة!!، وأين؟ عندما كان يلعب الغولف في مجمع الغولف الخاص به في ولاية فلوريدا!!..
ومن اجل ان تأتي “الكذبة” في سياق درامي كتب وودوارد، بالنص:”انه قبل أيام من أمره بالاغتيال كان ترامب يناقش الفكرة في ملعبه للغولف في فلوريدا. وكان شريكه في اللعبة ذلك اليوم السناتور الجمهوري ليندزي غراهام الذي أصبح من أهم مستشاريه، وحثه على ألا يقوم بالخطوة الكبيرة التي قد تؤدي إلى حرب شاملة، وان ميك مولفاني، كبير موظفي البيت الأبيض، توسل إلى غراهام كي يقنع ترامب ليغير رأيه في عملية اغتيال سليماني، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يقتنع”!!.
رغم خلاف وودوارد مع ترامب وانتقاده له، الا انه مثله مثل ترامب، لا يختلف في نظرته الى امريكا والغرب والى الاخر، لذلك حاول “النيل” من مكانة القائد الشهيد سليماني، الذي اذل الامريكيين وافشل مخططاتهم في الشرق الاوسط ، لاسيما مخططهم الخبيث المعروف بـ”داعش”، عبر “إستصغار” قرار اغتيال الشهيد القائد سليماني، الذي لم يتخذه ترامب الا قبل اربعة ايام من التنفيذ! وهو يلعب الغولف! ودون ان يستشير احدا!.
من الواضح ان هدف رواية وودوارد عن جريمة اغتيال القائد سليماني الغادرة، لم تكن هدفها بيان رعونة ترامب ، بقدر نيلها من ايران وشخص القائد الشهيد، وفي المقابل إظهار قوة أمريكا، وهي رواية مزيفة وكاذبة ترشحت عن المخيال الامريكي، فالعالم اجمع بات يدرك قوة ايران التي اثبتها رجال ايران وفي مقدمتهم القائد الشهيد سليماني، والتي جعلت امريكا منبوذة ومعزولة عن العالم حتى من اقرب حلفائها، الذين خذلوها في مجلس الامن ولم تجد سوى دولة الدومنيكان ظهيرا، وبات بومبيو كالمتسول وهو يطوف على عواصم عسى ان يجد من يقف مع بلاده ضد ايران، التي دكت بعشرات الصواريخ اكبر قاعدة امريكية في العراق دون ان تجرأ على الرد، وهو هجوم لم تتعرض له امريكا من دولة اخرى منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يؤكد ان قرار الحرب والسلم في امريكا ليس بيد ترامب الارعن، وعدم الرد هذا يؤكد بدوره ان قرار الاغتيال الجبان والغادر للشهيد سليماني وهو يزور العراق ضيفا على الحكومة العراقية، هو قرار اتخذته مراكز صنع القرار في امريكا والتي تهيمن عليه الصهيونية العالمية، وهي مراكز لم تكن تتوقع ان ترد ايران بالشكل الذي ردت فيه ومرغت انف ، ليس ترامب الارعن فحسب، بل امريكا الدولة التي تدعي انها عظمى.
مجلة تحليلات العصر الدولية