فقد تمكن الاستكبار العالمي من تجميد منظمة التحرير الفلسطينية خلال عقدين من الزمن على خلفية اتفاقية اوسلو في الموقع في 13 ايلول عام 1993، كما انه خلق شرخا عميقا في موقف الفصائل كاد يؤدي احيانا الى صراع واحتراب داخلي ولكنه تم احتوائهما بوعي القادة الثوريين الذين حرَّموا الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني مهما بلغت الخلافات .
وانطلاقا من البيان الختامي للاجتماع الفلسطيني الاخير تبدو الارضية ممهدة الان اكثر من اي وقت مضى لاستئناف الجهاد الثوري المطلوب لمكافحة العدو الصهيوني عبر تفعيل المقاومة واقامة دولة فلسطين على كامل الارض المحتلة من النهر الى البحر، وبمايؤدي الى اجهاض التحركات التطبيعية الحقيرة التي بدأت من الامارات مرورا بالسعودية وانتهاء الى ما هو متوقع من انظمة عميلة مستعدة للتخاذل والخضوع للمخططات الاستكبارية الصهيواميركية بالمجان ودون تحقيق اية مصلحة لشعوبها وامتها.
من الواضح ان القوى الفلسطينية في اجتماع بيروت ورام الله اكدت على الاستراتيجية النضالية سبيلا لتحرير فلسطين والقدس الشريف وذلك بالنظر الى امتلاكها اليوم قوة ردع هائلة تستطيع بها توجيه ضربات ماحقة للعمق الصهيوني وسلب تل ابيب وحيفا ويافا أيّ احساس بالامن والامان والاستقرار.
ويحق لنا القول بان القوى الفلسطينية الرافضة للاستسلام والمهادنة تمتلك اليوم من المؤهلات والقدرات ما تستطيع بها ان تخوض حرب تحرير شاملة لا تتوقف عند حدود معينة خاصة وان معها محور المقاومة بكل جهوزيته وامكاناته المتطورة والرادعة، يساعدها في ذلك مجموعة السلوكيات الصهيونية الاستفزازية العدوانية التي لم يعد يفيد في التعامل معها اي منطق او لغة حضارية.
لقد اثبت العدو الصهيوني بانه طرف لايفي باية عهود او اتفاقيات وهو ماض في مخططه التوسعي الذي لا يوفر احداً في المنطقة حتى اولئك الذين طبعوا علاقاتهم معه طمعا في السلامة والامان والصفاء.
ان "اسرائيل" تستعد حاليا لضم جميع الاراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية والاردنية المحتلة ضاربة بذلك عرض الحائط كل القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي منذ عام 1948 والى اليوم، وهنا علينا ان نتساءل:
اية عقلية هذه التي تسوغ لنفسها الثقة بهذا العدو الغاصب الذين يزداد غطرسة ووقاحة يوما بعد آخر ولم يردعه ولم يهزمه سوى المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين الابطال الذين دافعوا عن حرماتهم واراضيهم واهاليهم وحققوا انتصارات باهرة في هذا الاتجاه.
من المتيقن ان الجمهورية الاسلامية تنظر الى الاجماع الفلسطيني الرافض للاحتلال والتطبيع المشين والساعي الى تحرير الاراضي العربية المحتلة، بسرور بالغ وهي تشد على ايادي القادة الفلسطينيين الذين ادركوا خطورة الاوضاع والتطورات الراهنة ملتزمين بالتوافق على موقف نضالي موحد يقف بالمرصاد للمؤامرات الصهيو اميركية في المنطقة والعالم الاسلامي.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي