ترامب وبايدن كلاهما وظّفا العامل الديني للفوز في السباق الرئاسي؛ حيث شهدنا ترامب يحمل بيده ^الكتاب المقدس^ ويقف أمام الكنيسة ليلتقط صوراً عسى أن تنفعه في كسب أصوات انصار الكنيسة في الانتخابات.
وقبل ذلك سعى جاهدا للتقرب من اليهود عبر اعترافه بالقدس عاصمة للدويلة الغاصبة والمحتلة [إسرائيل] ونقله السفارة الأمريكية إليها، ومنْح الجولان السورية هبةً للـ "نتن ياهو" وذهابه للصلاة عند حائط المبكى، معتمراً القلنسوة اليهودية ، لكسب أصوات اليهود.
أما الديمقراطيون فقد حاولوا التقرب من المسلمين عبر استخدام بايدن للحديث النبوي في خطابه [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده،فمن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف الإيمان].
وهكذا حظي زميله المرشح الديقراطي المحذوف بيرني ساندرز بتأييد و مباركة السيد المحترم حسن القزويني ( صهر السيد محمد الشيرازي ) حيث أثنى عليه ودعا لانتخابه.
ومؤخرا بعث لي -مشكورا- أخوه المحترم السيد حسين الشيرازي، رسالة طويلة جاء في جانب منها:
[بسمه تعالى .. من المؤسف أن الأخ د. جبارة لا يعرف شيئاً عن سماحة الأخ العلامة المجاهد السيد حسن القزويني الذي يعدّ من أبرز رجال الدين الشيعة في أمريكا إن لم يكن أبرزهم. ولا أدري لماذا يذكر الكاتب أن السيد القزويني هو صهر المرجع الراحل السيد الشيرازي رحمه الله، وكأن ذلك جرم وذنب يسجّل عليه! ..إن دعم برني ساندرز كان لمصلحة المسلمين التي كان يراها السيد القزويني ويراها أكثر العقلاء في الولايات المتحدة(..) إن ساندرز أهون من غيره قطعا، ويذكر ذلك جميع العقلاء(..) وهل دعمه يعد جريمة؟! ألا تدعم الجمهورية الإسلامية بشار الأسد؟ وهل الدكتور رعد أعرف بمصلحة الجالية المسلمة في أمريكا من السيد القزويني الذي قضى عمره في العمل الإسلامي والإجتماعي هناك؟!وهل يعلم أن السيد حسن القزويني إمام أهم مركز إسلامي في ولاية مشيگن في أمريكاومن أنشط رجال الدين فيها ؟ وأنه يُعتبر المرشد الديني والروحي للجالية الشيعية في مشيگن؟...وأما بالنسبة الى المناظرة مع القس تيري جونز فإن السيد القزويني قد أفحمه وأخجله أمام الملايين من المشاهدين الأمريكان وأثبت أنه لم يقرأ القرآن أبدًا! وأما بالنسبة الى لقاءات السيد القزويني بالمسؤولين الأمريكان فهو يقوم بما يراه صالحا للجالية المسلمة في امريكا. وهل ذلك جرم يسجل عليه؟ ألم يذهب السيد عبد العزيز الحكيم الى البيت الأبيض للقاء ببوش الابن؟]ثم قال:[وانا أعتذر من الدكتور جبارة للحدة أو الخشونة في جوابي، وأرجو منه أن يتقبل إعتذاري].
من ناحيته، وفي نفس اليوم كتب لي آية الله العلامة علي الحكيم [نشكر الاخ الدكتور رعد جبارة على المقابلة الصوتية التي نشرها امس، وقد استمعت لها بكاملها، واؤيد المنطق السليم الذي يبتني عليه استدلاله، لذا أبارك له هذا المجهود.أما بالنسبة إلى مقالة اليوم للدكتور رعد جبارة، فنشكره لذلك، وهي مفيدة، خاصة وانها ترتبط بموضوع حضور الجالية المسلمة في أمريكا وكلمات السيد القزويني الذي هو امام أكبر مسجد للمسلمين الشيعة في امريكا، بالتحديد في مشيغان ديترويت! وفقكم الله تعالى لكل خير وعافية ان شاء الله، ولخير الدنيا والآخرة!].
ومن وجهة نظري؛فإن توظيف الدين وعلمائه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مضر و إقحام له بما ليس مطلوباً و لا مجديا للدين و لصورة علماءالدين.
فبايدن وترامب أبعد مايكونان عن الدين عموماً و الإسلام خصوصاً ، و هذا لايعني أنه لا ينبغي للمواطن المسلم التصويت بل يمكنه انتخاب أهون الشرَّين، لكن مع إبقاء ديننا وعمامتنا بعيدة عنهما ،مصونةً من شرورهما.
فلو ساند الشيخ الفلاني ترامب، وأيد السيد الفلاني منافسَه بايدن أو ساندرز؛ سيحدث الانقسام في الصف الإسلامي ويبرز الاستقطاب في الجالية، وتظهر جبهتان داخل صفوف علماءالدين:
○عمامة مع ترامب وعمامة مع بايدن.
وهذا ما لا تحمد عقباه، و ما لا نتمناه، وإلا فلا خصومة لنا مع السيد حسن المحترم ولا غيره، ولعالم الدين كل احترامنا، ونحرص على العمامة من مساوئ اصطفافها مع حاكم كاثوليكي علماني يسيء لها مستقبلاً، ويشوه سمعتها ولا يترتب على تأييدها لأعداء الدين فائدة محددة و نتيجة ملموسة و مضمونة.
د.رعد هادي جبارة /مؤلف وباحث في شؤون المنظمات الدولية والجاليات المسلمة