وصول الوفد الحكومي السوري على متن طائرة خاصة للمشاركة في الجولة الثالثة المصغرة لمناقشة تعديل الدستور السوري برئاسة الرئيس المشترك للجنة أحمد الكزبري، وعضوية أمل يازجي، عصام هزيمه، جميلة الشربجي، محمد خير العكام، أشواق عباس، هيثم الطاس، أكرم العجلاني، أمجد عيسى، جمال القادري، دارين سليمان، عبد اللـه السيد، رياض طاوز، نزار سكيف، أحمد عرنوس، سبقه الى جنيف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، الذي اجتمع مع رئيس هيئة التفاوض المعارضة أنس العبدة، لبحث تفاصيل اجتماع الهيئة المصغرة، وبحسب التفاصيل الملحقة والتسريبات، فإن جيفري سيعقد اجتماعات متلاحقة مع من سيشاركون في لجنة مناقشة الدستور من وفد المعارضة، ومع شخصيات من دول أوروبية متواجدة في جنيف للغاية ذاتها. ما يعني أن ما تظهره منابر المعارضة السورية الخارجية، يختلف تماما عما يدور في الغرف المغلقة، فالأمريكي يتجاهل أن هذا الحوار سوري – سوري ولا يحق لأي أحد التدخل فيه، أو دعم أي جهة فيه تحت أي ذريعة، ومن جانب اخر فإن المعارضة السورية لا تعي أن هذه الاجتماعات وما يبحث فيها، يجب أن يعكس الهوية الوطنية السورية، وأن القاعدة الجوهرية في كل ما سيدور، تتمثل برفض المساس بوحدة البلاد وسلامتها، ورفض إحداث أي تغييرات جذرية في شكل الدولة السورية وطبيعتها كأساس في أي نقاش، إلا أن التدخل الأمريكي يأخذ المسألة باتجاهات اخرى والتي لا تنتج إلا التعطيل واضاعة الوقت.
الوفد الحكومي السوري الذي يذهب الى جنيف بعقلية منفتحة على أي طرح، يتسلح بإيجابية عالية، وثقة بالنفس في وجه وفد المعارضة الذي يعاني من الفشل باثبات حضوره بعيدا عن الهيمنة الامريكية والخليجية عليه، ما يوقعه في سلة التجربة الامريكية التي تعاني من سوء الطالع، وتعيش سوء الوكيل لمخططاتها، والأسوء من ذلك أن الأميريكي مازال يستفيض في التجربة العبثية، عبر تعطيل الحل السياسي، وإطالة امد الحرب العسكرية، زدخوله في نفق الحصار الاقتصادي، بالرغم من ان المنطقة لم تعد تحتمل التجريب، ولا تقوى على تبعات التأخير، فالأمريكي والمعارضة السورية مازالوا يلعبون في الوقت التائه، والذي ينقلهم من مأزق الى اخر، ومن فخ اقليمي الى فخ دولي، فيما يعلم الجميع أن الدولة السورية لا تريد لهذا الاجتماع أن يكون مجرد رقم يضاف لسلسلة الاجتماعات السابقة في جنيف وسواها، لكن الأمريكي وادواته في المنطقة، يدفعون المسألة نحو تثبيط قواعد الاشتباك السياسي، وإبعاد الاطراف عن أي تفاهم، وإبقاء حالة العداء، ضمن دوافع أمريكية شتى، والا ما هو تفسير هذه الاجتماعات التي تسبق اي جولة محادثات سورية سورية؟ وهنا يمكن أن نلمس الهواجس الأمريكية من الهزيمة المنتظرة، والتي تثبت فشل السلوك الأمريكي تجاه الحرب المفروضة على سوريا، والتي هتك سر هذا السلوك، والاخطاء المتلاحقة والمتكررة، والتي استمرت على مدة سنين الحرب.
تبدو المسألة مختلفة في هذا الاجتماع ، كونها تدخل في اختبار حقيقي للمعارضة، وهو اكثر جدية من كل ما سبقه من اجتماعات، فالمطلوب اليوم ان تخرج المعارضة الامريكية من مسلسل التبعية للأمريكي ودول الخليج، إلى فضاء ينهي التدخل الخارجي، وأحد اوجه هذا التدخل، عمل اللجنة الدستورية، والتي تعتبر استمرار للمعارك السياسية التي تخوضها الدولة السورية، والاجابة على كل اشارات الاستفهام أمام الشعب السوري، ومن ثم الاقرار بالخلل البنيوي لسلوكها، والانطلاق نحو انهاء التراكمات في تجربة كانت فيها جزء من المشروع الامريكي، ربما هذا سينهي حالة اللعب الامريكي والتركي والخليجي على حبال اطالة امد الحرب، ووضع اساس متين للحل السياسي، بحوار سوري سوري، فالفرصة ما زالت سانحة، ضمن الثوابت السورية. وفي حال اقتناع المعارضة بهذه الخطوة قد تكلفها الكثير بالحسابات الضيقة لكنها تكسب الانخراط في المشروط الوطني لحل الازمة في سورية الذي يستحق التضحية ببعض المكاسب الضيقة.
بقلم الكاتب حسام زيدان - قناة العالم