لا يختلف اثنان على ان اعلان الامارات إشهار علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي، هو في الحقيقة حاجة امريكية بالدرجة الاولى اقتضتها تردي حالة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الانتخابية، فالرجل يأتي دائما بفارق كبير من منافسه جو بايدن في استطلاعات الراي، حتى انه اعترف بعظمة لسانه انه قد يخسر الانتخابات لانه غير محبوب، فكان لابد من الاستعانة بمن يدينون له بعروشهم لتوظيفهم من اجل تسجيل انجازات في سجل الفارغ سوى من الفضائح والانتكاسات.
من الواضح ان الامارات ورغم علاقاتها الأبعد من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، لم تكن بحاجة الى اشهار علاقاتها مع هذا الكيان وان تضع نفسها في هذا الموضع الذليل، وان يظهر حكامها بمظهر الادوات الرخيصة بيد ترامب يستخدمها أنى شاء، لو كان هؤلاء الحكام يمتلكون نطاقا حتى ضيقا من الحرية في اتخاذ القرارات السيادية.
المعروف ان الامارات ليس لها اي حدود مع فلسطين المحتلة، كما انها ليست في حرب مع الكيان الاسرائيلي، ولا يشكل هذا الكيان اي خطر عليها، بل على العكس تماما تربطها مع هذا الكيان علاقات عميقة ومتجذرة منذ تاسيس الامارات وحتى اليوم، لذلك لم يكن هناك اي ضرورة لهذا الاشهار للعلاقة واستجداء التطبيع.
ان الاعلان الاماراتي بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، هو في الحقيقة عملية حلب لكرامة هؤلاء الحكام من قبل ترامب، وهي عملية لن تتوقف عند محمد بن زايد، فهناك ملك البحرين حمد بن عيسى وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وغيرهم ، يقفون في طابور حلب الكرامة والشرف، وهي عملية ستكون سريعة على ما يبدو، نظرا لضيق الوقت لدى ترامب الذي لا تفصله عن الانتخابات الرئاسية الامريكة سوى اقل من ثلاثة اشهر.
هذه الحقيقة، حقيقة حلب الكرامة، كشف عنها صهر الرئيس الامريكي جاريد كوشنر في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية، عندما قال ان تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية قادم وأنه "أمر حتمي"!!.
كوشنير لم يحصر الحلب بالسعودية فقط ، حيث قال :"أن لدينا دولاً أخرى مهتمة جداً بالمضي قدماً في التطبيع مع "اسرائيل".
اللافت في كلام كوشنير وهو يتحدث عن القطيع الواقف في طابور الحلب ، نبرته الاستعلائية فهو يتحدث بصيغة الامر، حيث يقول"أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماماً"!!.
كلام كوشنير لم يأت من فراغ، فقد كشف الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان، الذي ساهم في التطبيع بين الإمارات والكيان الاسرائيلي، في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت، عن لقاء جمعه مع محمد بن سلمان "وسأله: لماذا يبقي العلاقات مع إسرائيل تحت الرادار؟ لماذا لا يخرج ويقود الأمور؟ فأجابه أنه يستطيع أن ينفذ ذلك في لحظة، لكنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين له، كما يخشى من حدوث فوضى داخل بلاده أيضا"!!.
اما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فقد اكدت ما ذهب اليه كوشنير وسبان ، عندما نقلت عن مسؤولين ومحللين لم تسمهم قولهم: إن "دولاً خليجية أخرى مثل البحرين وعُمان، التي قدمت دعماً لـ"صفقة ترامب"، من المرجح أن تطبع قبل السعودية مع اسرائيل"، واضافت ان "الولايات المتحدة يمكن أن تمارس نفوذاً كبيراً في هذا الإطار؛ بالنظر إلى دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثابت لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان"، وتقصد بالدعم هنا دعمه في التهرب من تبعات جريمة قتل خاشقجي وباقي المعارضين ، وكذلك دعمه في حربه العدونية على اليمن.
كما قال سيد المقاومة السيد نصرالله، من الان وحتى الانتخابات الامريكية سنشهد تقاطر مشايخ وامراء الخليج الفارسي الى طابور حلب الكرامة والشرف والدين، هذا لو كان لهم دين، ليتم حلبهم عسى ان تتحسن حال ترامب الانتخابي، بعد ان فشل في كل الملفات الخارجية بدءا من ايران ومرورا بكوريا الشمالية وفنزويلا وانتهاء بالصين، ولكن فات هؤلاء المحلوبون، ان المواطن الامريكي يضع وضعه الاقتصادي ورفاهه المادي في سلم اولوياته في انتخاب الرؤساء، لذلك لن يجنوا سوى اهدار الكرامة وضياع الشرف ولعنة التاريخ.
المصدر : قناة العالم الاخبارية