وقد سارعت طهران على مستوى كبار المسؤولين الى الاتصال بالمسؤولين اللبنانيين واعلنوا لهم استعداد الجمهورية الاسلامية لتقديم مختلف المساعدات اللازمة لاحتواء هذه الكارثة الاليمة والتضامن مع معاناة الشعب اللبناني الشقيق في مواجهة هذه المحنة العصيبة والخراب الناجم عنها.
واضح ان ما اصاب لبنان وعاصمتها الاصيلة بيروت قد احزن المسلمين والعرب سيما وان البلد يتعرض منذ سنوات لحصار اقتصادي وسياسي اميركي على خلفية تمسكه بخيار المقاومة بوجه التهديدات الصهيونية التي باتت تتصاعد في الاونة الاخيرة بعد هزيمة التيار التكفيري وعصابات داعش امام ضربات المجاهدين اللبنانيين الذين وجهوا الردّ الحاسم الى التحركات الاستكبارية المستعرة في الشرق الاوسط وحققوا توازن الرعب مع العدو الصهيوني ما جعله يفقد زمام اي مبادرة في هذه المنطقة بعد انتكاسته المدوية في حرب تموز عام 2006.
ان من الطبيعي ان تكون التحليلات متعددة في تفسير وقوع هذه الكارثة مع الانحياز الى الرأي القائل ان ما حصل في مرفأ بيروت كان بفعل فاعل وذلك اذا ما اخذنا بعين الحسبان تصريح رئيس الوزراء اللبناني الدكتور حسان دياب بانّ هذا الحادث الخطير لن يمر دون ملاحقة المسؤولين عنه وانزال العقاب الصارم بهم.
وبصرف النظر عن الاجراءات التقنية والامنية المطلوبة للكشف عن ملابسات هذا الانفجار، فان القول بان ثمة دوافع تدميرية تقف وراءه، لايمكن التغاضي عنه ولاسيما ان لبنان كله يعيش منذ فترة على صفيح ساخن نتيجة للضغوط التي تمارسها السفارة الاميركية في بيروت بالتعاون مع عملائها من كبار السياسيين وصغارهم الذين مارسوا ابتزازا واضحا لاحتكار الدولار والقطع الاجنبي الاخر الامر الذي تسبب في غلاء مفرط للمعيشة الى جانب تكريس الانفلات الاجتماعي في البلد رغم تفشي جائحة كورونا وتزايد اعداد الوفيات والاصابات في هذا البلد .
بصراحة اننا لا نجد حرجا في توجيه اصابع الاتهام الى المثلث الاميركي ـ الاسرائيلي ـ السعودي الذي يصر على تجويع الشعب اللبناني ، بالوقوف وراء هذه الجريمة النكراء التي حولت حياة اللبنانيين خلال ثوان الى جحيم وهذا ما يقود الى الاعتقاد بان تفجير مرفأ بيروت عملية تمت وفق ايقاع بطيء استمر اكثر من 6 سنوات وكان مساء يوم 4 آب 2020 هو التوقيت المناسب لها.
في ضوء ذلك سيكون على لبنان ان يواجه خلال السنوات القادمة مشاكل متفاقمة وبلبلات سياسية وانهيارا اقتصاديا كاملا حتى يتسنى للتحالف الاميركي ـ الصهيوني ـ السعودي تطويعه خدمة للاجندات الاستكبارية وصفقة القرن ومشروع الشرق الاوسط الجديد.
لسنا على عجل فالايام القليلة المقبلة ستميط اللثام عما خفي، بيد اننا واثقون تماما ان لبنان لن ينهار امام هذه الكارثة ولا غيرها، فسيبقى ايقونة الصمود والمقاومة ولن تفت في عضده كثرة الزلازل والازمات.
بقلم الكاتب والاعلامي / حميد حلمي البغدادي