وأثبت الواقع الميداني لزيارة الأربعين هذا العام ( 1440 الهجري) نجاحها وبحمد الله وفضله حققت اهدافها بنسبة عالية رغم كل التحديات، وأعطت ثمار قيمة على كل المستويات السياسية والاجتماعية والعقائدية.
وكما رأينا الحملة الإعلامية الشعواء التي أطلقها أعداء الله وأعداء الحسين ـ عليه السَّلام ـ خلال الاشهر الماضية لإيجاد شرخ في العلاقة الاخوية بين ابناء الشعب العراقي وبين زوار الامام الحسين الوافدين من خارج الحدود لاسيما الايرانيين منهم.
وبحمد الله وفضله ذهبت كل تلك التخرصات الواهية أدراج الرياح ولم تحقق أي من أغراضها التي رسمت في مراكز المخابرات الصهيونية والإستكبارية العالمية والرجعية في المنطقة.
فياترى ماهي مقومات نجاح مسيرة الأربعين الحسيني التي جعلتها قادرة على تحقيق كل هذه الأهداف؟.
وللأجابة على هذا السؤال لابد من دراسة الهدف الاساسي لهذه المسيرة بعيدا عن التنظير بل استنباطه مباشرة من واقعها الميداني، فإستقراء سريع لآراء المشاركين في هذه المسيرة بإجابتهم على سؤال "ما هو هدفك من المشاركة في مسيرة الأربعين الحسيني، قاصدا كربلاء المقدسة؟" وفعلا كان هذا الاستقراء وإن كان بشكل محدود فكان 90% من الأجوبة هي ان الهدف من المشاركة هو "رضا الله سبحانة وتعالى".
اذن الهدف الاساسي لكل من يشارك في مسيرة الاربعين الحسيني سواء على مستوى المشاركة بالمسيرة الراجلة او على مستوى الدعم المادي من خلال تقديم الطعام والخدمات لزوار الاربعين او على مستوى الدعم المعنوي بما في ذلك الاعلامي والثقافي فالجميع هدفه من وراء ما يقوم به هو "رضا الله سبحانة وتعالى".
وبذلك نختصر الطريق للوصول الى سر النجاح الذي تحققه زيارة الاربعين الحسيني كل عام، فهذا هو أحد أهم مقومات نجاحها، ومن هنا نستطيع الجزم بأن الهدف مقدس... وعليه فكل ما يرتبط بالمقدس يكسب قدسية من ذلك المقدس.
كما ان واحدة من مقومات نجاح مسيرة الاربعين الحسيني خروجها عن الحالة الرسمية فهي مسيرة شعبية جماهيرية بحتة فرضت على الجانب الرسمي ان يقوم بمهامه تجاه هذه الشعيرة المقدسة.
وعلى طول التاريخ لم يرصد الجانب الرسمي اي ميزانية لهذه المناسبة في افضل مواقفه بل ان اغلب الانظمة التي توالت على الحكم في العراق كانت اما ان تعارض زيارة الاربعين الحسيني واحيانا تصل الى حد المنع والمعاقبة عليها، كما هو الحال في ايام حكم حزب البعث المنحل والذي وصل الى حد معاقبة زوار الامام الحسين ـ علية السَّلام ـ في ايام عاشوراء وصفر، حيث تجاوزت العقوبات التي اصدرها الطاغية صدام المقبور ضد زوار الاربعين الحسيني السجن الى الاعدام معتبراً المشاركة في هذه الزيارة تهديد للامن القومي.
وأيضا أحدى مقومات نجاح هذه المسيرة المقدسة هو الدعم الذي تلقاه من مراجع الدين الذين يحثون على اقامتها فالامام الخميني الراحل - رحمة الله علية – وكلمته المشهورة "كل ما لدينا من عاشوراء وصفر" وكذلك السيد ابوالقاسم الخوئي - رحمة الله علية - كيف كان يعطي اهمية كبيرة لهذه المناسبة في محرم وصفر، سواء على مستوى السلوك الشخصي أو على المستوى العام، وهكذا الشهيد الصدر الاول والثاني ـ رحمة الله عليهما ـ ومواقفهما التي كانت تسعى لترسيخ هذه الشعيرة بشكلها المناسبة والمهذب بعيداً عن الخرافة التي تسيء لها.
واليوم هناك دعم كبير لزيارة الاربعين الحسيني من قبل مراجع الدين وعلى رأسهم سماحة اية الله السيد علي السيستاني الذي يدعمها على كل المستويات، وسماحة السيد علي الخامنئي الذي يحييها بنفسه ويؤكد دائما على تنقية مراسمها من الخرافات والبدع، وهو رأي جميع مراجع الدين رحم الله الماضين منهم وأمد في عمر الباقين.
كذلك فان قضية الامام الحسين ـ علية السَّلام ـ عالمية الاهداف، وواهم من يتصور أنها تختص بطائفة أو شعب أو قومية معينة او حتى دين معين بل تجاوزت ذلك لتكون قضية الإنسانية جمعاء، ولهذا نجد من يمثل اغلب الطوائف الإسلامية والغير إسلامية في مسيرة الاربعين الحسيني، وستشهد السنوات القادمة تجسيداً واضحاً لهذه الرؤية.
وفوق كل هذا وذاك فإن قضية الحسين ـ علية السَّلام ـ قضية إلهية وهذا هو السِّرُ في نجاح كل مشروع متعلق بها.
جابر كرعاوي / لموقع اذاعة طهران العربية