لقد كان انتصار المقاومة بقيادة العلامة السيد حسن نصر الله (دام علاه) انتصارا استراتيجيا غيّر المعادلة الكلاسيكية للصراع العربي ـ الصهيوني بشكل كبير واطاح بالهيبة المزعومة التي كانت الدولة العبرية تتشدق بها من ان جيشها لا يقهر، حتى غدَت اسرائيل اضحوكة في العالم ومحل تندّر جميع احرار الامم والشعوب المناضلة.
في ايام شهري تموز وآب وجدت الامة الاسلامية ان ما زعم عن المعادلات الاقليمية في الشرق الاوسط القائلة بان استهداف "اسرائيل" هو خط احمر، لم يكن سوى محض اوهام تبدّدت ببطولات المجاهدين اللبنانيين من ابناء حزب الله وتضحياتهم النبيلة.
لقد جعل الصهاينة من المخابئ والملاجئ ملاذا لهم من ضربات المقاومة وتبدلت الحسابات الحربية الاسرائيلية الى فوضى عارمة لم يكن في اولوياتها آنذاك سوى البحث عن معايير الامان والنجاة من شبح الموت الذي خيم على المحتلين والمستوطنين في انحاء فلسطين.
في خضم هذه الحرب يستذكر حزب الله وسيد المقاومة الملاحم الخالدة التي سطرها القائد العام لفيلق القدس الشهيد الفريق قاسم سليماني (رحمه الله) الذي كان حاضرا في لبنان ورفض ان يترك المجاهدين وهم يخوضون معركة الدفاع عن كرامة لبنان ومقدرات الامة الاسلامية كافة.
لقد كان الحاج قاسم في غرفة عمليات قيادة المقاومة وهم يديرون معارك المجاهدين بوجه الجيش الصهيوني ويدمرون له دباباته وآلياته التي حاولت التوغل في الجنوب، وكان يتحرك ميدانيا الى جانب المقاومين وهم يلتقطون الجنود والضباط الصهاينة المصابين بالذعر والجنون مما شاهدوه من المدد الغيب الذي حف بابطال المقاومة وادخل الفزع في نفوس المحتلين.
ان حرب تموز كانت الصفعة المدوية التي هزت الكيان الصهيوني واوقفته عند حدّه بعدما كان يسرح ويمرح في اراضي لبنان واجوائه، وهي التي اعدت المقاومة الاسلامية للتحديات التالية التي اريد منها الثأر من حزب الله والمجاهدين في لبنان وفلسطين. ولا عجب ان تأتي البشارة من قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي الى سيد المقاومة بأن النصر سيكون حليفكم في هذه الحرب وبأن حزب الله سوف ينطلق في آفاق جهادية اوسع بعد هذه الحرب لتتحول الى قوة اقليمية ذات تاثير عظيم في معادلات المنطقة والعالم.
آنئذ خرج سيد المقاومة بمقولته التاريخية مخاطبا القادة الصهاينة بان "اسرائيل" هذه هي اوهن من بيت العنكبوت. واكد سماحته للعالم كله بان حرب تموز جعلت العقل الصهيوني يفكر جديا في ان اسرائيل ليست اهلا للبقاء وان عليها ان ترحل ان عاجلا ام آجلا.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي