من المفترض أن تكون المنظمات التابعة للأمم المتحدة محايدة، غير أن تزامن هذه التحركات يثير العديد من الشكوك والتساؤلات، خاصة بعد فترة طويلة من الصمت.
قبل أن نخوض في أسباب تحرك هذه المنظمات والترويكا الأوروبية، لابد من الاشارة الى موضوع في غاية الأهمية، وهو أن الحظر الدولي الجائر الذي فرض على ايران واستمر لأكثر من 12 عاما وألغي لحظة التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقف وراءه، وذلك عندما أعلنت في عام 2003 انها عثرت على جهاز في احدى المنشآت النووية الايرانية وكان ملوثا بيورانيوم عالي التخصيب، وقالت الوكالة آنذاك أنها تشتبه بأن يكون البرنامج النووي الايراني انحرف الى التصنيع العسكري.
هل تعلمون ماذا قالت الوكالة الدولية بعد الاتفاق النووي عن هذا الموضوع؟ قالت انها اخطأت في تقديراتها وان شكوكها لم تكن واقعية بل خاطئة، بمعنى آخر أنها بررت المعاناة التي تجرعها الشعب الايراني لأكثر من 10 سنوات نتيجة اجراءات الحظر الاقتصادي الظالم، بكلمة واحدة وانتهى الموضوع.
هذا نموذج على عدم حيادية هذه المنظمات وتسييسها للقضايا الفنية، وبالتالي فان من يصف هذه المنظمات بأنها أدوات لتحقيق أغراض بعض القوى الدولية، فانه لا يبالغ بل تحدث عن حقيقة وواقع ثبت من خلال العديد من الأحداث.
هناك أسباب متعددة وراء هذه الاجراءات الجائرة والظالمة ولكن أحد الأسباب الرئيسية هو الامتثال لطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضرورة تمديد البند المتعلق بحظر بيع الأسلحة لايران الذي ينتهي في تشرين الأول/ اكتوبرالمقبل، والذي طالما دعا اليه ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة، والغريب في الأمر هو مسايرة الترويكا الأوروبية لترامب في هذا الموضوع، وربما تعود مسايرتهم له الى انه خدعهم بأنه سيعود للاتفاق النووي اذا تم تمديد حظر بيع الاسلحة لايران.
غير أن السؤال المطروح هو، لماذا ترفض ايران تمديد حظر بيع الأسلحة لها في الوقت الذي تكشف فيه بين فترة وأخرى عن سلاح جديد من أسلحتها وتهدد برد مدمر ضد كل من يعتدي عليها؟
هنا تجدر الاشارة الى أن ايران لا تكتفي بتوجيه التهديدات ضد كل من يعتدي عليها وحسب بل أنها برهنت على ذلك عندما انهالت صواريخها على القوات الاميركية في قاعدة عين الأسد انتقاما للجريمة التي ارتكبتها واشنطن ضد الشهيد قاسم سليماني، كما برهنت على أنها لن تتسامح أمام أي انتهاك لسيادتها باسقاط الطائرة الأميركية المتطورة في اجواء الخليج الفارسي، اضافة الى ان صواريخها دكت مواقع "داعش" في دير الزور السورية وكذلك مواقع جماعة بيجاك في منطقة كردستان العراق، بعدما نفذت الجماعتان عمليات اجرامية في ايران.
من لديه أدنى خبرة في المجال العسكري يعلم أن أي بلد لا يستطيع استهداف المواقع التي تبعد عنه مئات الكيلومترات بالصواريخ الا بعد ان يكون قد حصل على تقنيات عليا في هذا المجال.
ايران لم تصل الى مستويات عليا في مجال الصواريخ وأنظمة الردع الصاروخي وحسب وانما في مجال الجوفضاء ونجحت في اطلاق القمر (نور) الاصطناعي، وكذلك في مجال المسيّرات كما أنها نجحت في بناء الغواصات والبوارج والمدمرات البحرية، ولو أردنا استعراض المكاسب العسكرية سواء الجوية أو البحرية أو البرية لطال بنا المقام، لذلك ما حاجتها لالغاء حظر بيع الأسلحة لها؟
أولا: تمديد حظر بيع الأسلحة لايران يتعارض مع القانون الدولي والاتفاق النووي وايران لن تسمح بتمرير مثل هذه البُدع في المجتمع الدولي، ولو تغاضت عن هذه القضية فسيطالبها ترامب بالتغاضي عن قضايا أخرى.
ثانيا: ايران تريد أن يكون وضعها طبيعيا في المجتمع الدولي، شأنها شأن سائر دول العالم لايعرقل تعاونها العسكري مع سائر البلدان لا قرار دولي ولا غيره، بغض النظر عن ان تكون بحاجة للسلاح أو ليست بحاجة اليه، وهذا ماينص عليه الاتفاق النووي، وبقاء الحظر يعني ان وضع ايران في المجتمع الدولي ليس طبيعيا.
ثالثا: الحظر لا يقتصر على شراء ايران للأسلحة وانما ايضا على بيع ايران للأسلحة والمعدات العسكرية، بينما ايران بحاجة لتكون لديها حصة في السوق العالمية للسلاح، فمن جهة هناك طلبا كبيرا على الأسلحة والمعدات والآليات والتقنيات العسكرية الايرانية لأنها أثبتت جدارتها في الكثير من الميادين، كما ان من حقها الحصول على عائدات بيع الأسلحة.
رابعا: ايران لا تحتاج لشراء السلاح ولكنها بحاجة الى التواصل مع سائر دول العالم وخاصة مع اصدقائها في مجال التقنيات العسكرية وتبادل وجهات النظر في تطور الصناعات العسكرية.