لا شك بأن هذه الشخصية التاريخية اليوم أعادت إحيائها سلسلة الدرامية بإنتاج ضخم، وليست المرة الأولى التي تدافع سورية عن القضية المركزية، بل هناك محاولات كثيرة تأتي في هذا الإطار، إلا أن تسليط الضوء جاء ضمن إطار سلسلة الدفاع عن القضية، ومعبرة عن الوقوف في وجه محاولات التطبيع، التي تقوم بها الأنظمة الخليجية.
هذا المسلسل يحكي حقائق تاريخية ثابتة، وبالتالي من يقف اليوم في وجه هذه المادة الدرامية والمأخوذة من الواقع، يُريد أن يطمس الحقائق؛ هي شخصية تاريخية ضحت وقدمت من أجل الدفاع عن عروبة القدس، وعن حرمة بيت لحم والمسجد الأقصى، وعن حرمة مقدساتهما، لذا عبر العدو الإسرائيلي عن امتعاضه وقلقله حيال كشف الحقائق التاريخية، التي يحاولون اغتيالها عبر أساليب خبيثة، وذلك عبر التجييش الإلكتروني، ليدخل عقول الناس وبالأخص جيل الشباب، فـلجأوا الى وسائل التواصل الاجتماعي لمساندة الدراما التطبيعية.
نحن اليوم كمواطنين عرب سواء كنا مسلمين أم مسيحين، نؤمن بعروبة القدس، ونؤمن بأنها سُلبت واغتصبت وسُرقت، وبها استعمار واحتلال استيطاني أتوا بأشخاص من دول متعددة يحملون جنسيات مختلفة، ويتكلمون لغات عدة، وكادوا يفرضون عليهم لغة ميتة ليقولوا بأنهم أبناء أمة واحدة، وهنا بمعنى أن يكون العامل الديني هو الأساس، ولكن هذا انتهى منذ القرون الوسطى.
إلا أن اطماعهم في المنطقة ليست إلا قاعدة أمامية للاستعمار، من أجل ثروات المنطقة، وهذا ما دفعهم إلى إقامة هذا الكيان من أجل الضغط على دول الإقليم، وكما قال الرئيس الأمريكي هاري ترومان بعام 1946بأن منطقة الشرق الأوسط منطقة ثروات هائلة وستكون محل صراع وتجاذب ما بين قوى عالمية متعددة.
وبالتالي هذا ما يريدونه ليستأثروا ثرواتها وتاريخها لصالح المشروع الصهيوني، فبعض إرادة المستعمرين بالقوى الاستعمارية اليوم ينتقلون إلى مرحلة خطيرة جداً وهي التطبيع الشعبي، يصطادون المواطنين عبر سلوكيات الشعب بفرضيات ليتقبلها، ولكن نحن نقول لهم أن الصهاينة مرفوضين لدى غالبية الشعوب العربية، ولا يمكن أن يتجانسوا معهم لأنهم لا يملكون ثقافة التعايش ولا يعرفون عنها شيئاً، ولا يعترفون سوى العدوان والقتل والتدمير، لان هذا ما جاء في تلمودهم.
والجميع يعلم بأن التلمود البابلي والاورشليمي هما ليست كتب مقدسة، بل هي عبارة عن أطروحة أو شروحات لتوراة كتبت منذ 400 سنة، وهذة التلموديات لا تعرف سوى الانتقام من كل الشعوب، لذا كيف لنا أن نسامح من اغتصب أرضنا وقتل أبناءنا، ودمر فلسطين واحتل جزء من اراضينا في الجولان العربي السوري، هي جلها أراضٍ سورية لـيستفادوا من خيراتها وثرواتها.
فنحن شاهدنا بأم العين كيف نتنياهو دعم الإرهابيين وقام بزيارتهم وكان يمدهم بالسلاح والخبرة، من أجل أن يحاربوا سورية وشعبها والجيش العربي السوري، إضافة إلى أنهم كانوا يحاربون محور المقاومة ككل، والذي سيبقى سداً بوجه المشروع الصهيوني.
هذا المشروع الذي ضرب أوساط الدول العربية، لينال من الوطن العربي بالكامل، وما يحصل ليس إلا حرب الدراما ما بين معسكر المقاومة ومعسكر التطبيع، لدعمها عبر حملات الكترونية انطلاقاً من هاشتاغات تهدف إلى التقليل من أهمية القضية ومحوريتها، ولكن السؤال هل ستنجح هذه الحملات التي تنادي بالتطبيع الاجتماعي والثقافي ؟؟.
لم يكتفوا بالنمط الدرامي فقط، بل ساندوه ودعموه عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه وتلقين المواطن العربي سياسة التطبيع ليتعامل معه بحلة جديدة تُجاه الكيان الاسرائيلي، ولكن هنا يحق لنا أن نُذكر الكيان الإسرائيلي الغاصب بأن من قام عام 2015 بثورة السكاكين، هم شباب عمرهم 14عام، هؤلاء الشباب لم يشاهدوا أوسلو ولا النكبات، ولا يعرفون شيئا عن هذا التاريخ بل سمعوه من أجدادهم، هؤلاء استطاعوا أن يُثبتوا أن نظرية المقاومة، تنتقل من جيل الى جيل.
وباء التطبيع الذي يجتاح المنطقة له أسباب عدة في ظل الموجة الراهنة، والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في هذا التوقيت الحساس، التي ألقت الضوء عليه هذه الدراما، فالمساس بوحدة واستقرار المنطقة العربية خطير، وله تداعيات مُكلفة، يجب أن نواجه هذا التطبيع بكافة الوسائل قبل أن يتجذر ويقوى من قبل الخوارج الجدد.
رنا العفيف