إلا أن ارتفاع أعداد المصابين بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، أجبر السعودية على الاعتراف وان كان البعض لايزال يشكك بالرواية الرسمية لأعداد المصابين، ويبقى للمملكة اسبابها الخاصة لاخفاء الحقائق، ولكن الاستمرار بهذا النهج سيعرض مواطنوا المملكة للخطر ولن يتحسن الاقتصاد كما يتوقع المسؤولين السعوديين، ربما قد ييتحسن لبعض الوقت لكن الكارثة ستكون مخيفة عندما يتفشى الفيروس أكثر وأكثر.
يوم أمس سجلت السعودية، ارتفاعا قياسيا جديدا للإصابات المؤكدة بعدوى فيروس كورونا "COVID-19"، حيث ازدادت هذه الحصيلة خلال الساعات الـ24 الماضية بـ1645 حالة، وأصبح إجمالي الإصابات 28656.
ونوهت وزارة الصحة السعودية إلى أن مجموع الوفيات بوباء "كوفيد-19" وصل إلى 191 حالة، وذلك بعد تسجيل 7 وفيات جديدة.
وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت، السبت، عددا من القرارات الجديدة في ضوء توصيات الجهات الصحية بشأن التعامل مع فيروس كورونا المستجد.
السعودية اخفت حتى عدد المصابين من الأمراء، ورغم انتشار عشرات التقارير حول اصابات الأمراء، إلا أن السلطات السعودية أنكرت الامر، وسبق لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تحدثت، في بداية أبريل الجاري، عن أن 150 أميراً أصيبوا بـ"كورونا"، ونقلت عن مسؤول في مستشفى الملك فيصل التخصصي، قوله إنه خصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا من العائلة المالكة، وإن هناك 500 سرير جرى تحضيرها لإصابات محتملة من العائلة والمقربين منهم.
وذكرت الصحيفة أن الملك سلمان بن عبد العزيز انعزل في جزيرة بالقرب من مدينة جدة، خوفاً من انتقال العدوى إليه، في حين توجه ولي عهده، الأمير محمد، مع عدد من الوزراء إلى موقع آخر على ساحل البحر الأحمر.
وبعد كل هذه التقارير اعترف رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، مؤخرا بوجود حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بين أفراد الأسرة الحاكمة "آل سعود" بعد صمت دام اسبوعين على انتشار تقارير غربية تحدثت عن اصابة 150 اميرا بفيروس الكورونا.
وأوضح الفيصل (أحد أبناء الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز) في مقال بعنوان "خواطر كورونية (2)"نشرته صحيفة اللندنية، أن عدد الأمراء المصابين بالفيروس أقل من 20 أميراً.
أسباب قلق السعودية من نشر الاحصائيات الحقيقية؟
كان من المفترض أن يبدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال هذه المدة بتنفيذ مشاريعه الاقتصادية، لكن جائحة "كورونا" حالت دون البدء بهذه المشاريع، كما ابعدت كرسي العرش عنه لأجل غير مسمى، ولكن هل كورونا هي فقط المسؤولة عن تراجع اقتصاد المملكة وعجز ابن سلمان عن تحقيق مشاريعه.
إليكم أبرز اسباب فشل ابن سلمان في تحقيق ما كان يخطط له:
أولاً: شهدت سياسة ابن سلمان الخارجية فشلا ذريعا خلال الاعوام الماضية، وتعمق هذا الفشل أكثر بعد جريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حيث فقد العالم ثقته بالنظام السعودي، وكان الحل الوحيد عبر شراء الولاءات العالمية ودفع أموال طائلة للتغطية على هذه الجريمة، كان للولايات المتحدة الامريكية حصة الاسد منها، ومع ذلك عمقت هذه السياسة الشرخ بين السعودية وجيرانها الخليجيين وكذلك الاقليميين، ووصل الخلاف مع تركيا إلى ذروته، وكادت السعودية ان تنخرط في حرب مباشرة مع ايران، ناهيك عن حربها الاجرامية على جارتها اليمن، والتي كانت سبب رئيسي في نزيف الاقتصاد السعودي، ولاتزال كذلك، وفي حال استمرت المملكة في حربها هذه ألف اجتماع لقمة العشرين لن يحل لها مشكلتها.
ثانياً: في الآونة الأخيرة أقدم ولي العهد السعودي على سلسلة اعتقالات، كان ابرزها اعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان، واعتقال الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق، وكان ابن سلمان يريد من خلال هذه الاعتقالات ضمان وصوله الى العرش بسلاسة ولكنه في نفس الوقت يعلم ان مثل هذه الخطوات قد تكلفه "العرش"، لذلك لابد من الحصول على حماية خارجية واعادة الامور الى ما كانت عليه في العلاقات الخارجية ومن هنا فإن انعقاد قمة العشرين في المملكة يعتبر نافذة مهمة لكسب الثقة من الدول الاجنبية وفي نفس الوقت التغطية على النزاعات الداخلية في المملكة.
ثالثاً: ابن سلمان في ورطة اقتصادية كبيرة بعد فشل رؤية "2030" وكذلك الاكتتاب على ارامكو، وانخفاض اسعار النفط، وما تلاها من حرب نفطية مع روسيا، سترهق الخزينة العامة السعودية وتدفع المملكة نحو المزيد من الاستدانة، لذلك فإن الاتجاه نحو تفعيل السياسة الخارجية الاقتصادية قد يفتح لولي العهد السعودي قنوات جيدة بعد انتهاء ازمة "الكورونا" للخروج من ازمته الاقتصادية الخانقة.
في الختام؛ الأهم مما سبق ان ابن سلمان بدأ يشعر بالخطر بعد ان اجتاح "كورونا" الولايات المتحدة الامريكية وهذا سيهدد عرش ترامب لا محالة وفي حال لم يتمكن ترامب من الفوز في ولاية ثانية سيكون ابن سلمان في ورطة كبيرة، خاصة وان ولي العهد السعودي غير سياسة المملكة برمتها من علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية الى علاقة شخصية مع ترامب وصهره كوشنير وبالتالي فإن رحيل ترامب سيشكل خطرا كبيرا على ابن سلمان قبل وصوله الى العرش.
المصدر: الوقت