فان كان ترامب او ماي او ماكرون او ميركل، هم حقا يخافون ويحرصون على حياة الناس وحقوق الانسان، لما سمحوا لانفسهم ولهذا الدول ان تدعم صدام ليشن حربا على دولة جارة ويستخدم القنابل الكيماوية ضد المدنيين وما كانوا ليسمحوا لانفسهم ان يحاصروا ويجوعوا الشعب العراقي لان رئيسه امر باحتلال الكويت، ويكونوا شركاء في موت آلاف الاطفال العراقيين لعدم حصولهم على الحليب.
فامريكا على وجه التحديد لا يمكن ان تكون مدافعة عن حقوق شعوبنا، الا حين يكون لها بقرة حلوب في ذلك، لان الغراب لا يمكن ان يعير غراب مثله ان وجهه اسود . فمن استخدم القنبلة النووية ولااول مرة ضد المدنيين، هم الامريكيون وبامر من الرئيس الامريكي، ولم يستخدموه لاستخراج المياه الصالحة للشرب للناس ولا حتى لضرب الجيش الياباني، بل ضد المدنيين والمدنيين فقط. حيث راح ضحيتها حوالي مئتين واربعين الف شخص من الناس الابرياء في هيروشيما وناكازاكي، ناهيك عن كل من مات بسرطان الدم والسرطانات الصلبة نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من اتلك القنابل وهكذا دواليك في فيتنام وافغانستان والعراق.
اما الفرنسيون ففي الجزائر وحدها قتلوا اكثر من مليون شخص كان مطلبهم الحرية التي يتبجح بها الان ماكرون ، اما بريطانيا فحدث ولا حرج فيدها ملطخة بدماء الناس اينما وضعت قدمها وعلى اقل تقدير هي التي صنعت السعودية واسرائيل في المنطقة ولديها حصة الاسد في مبيعات الاسلحة للنظام السعودي وهذا بحد ذاته يؤكد ان هؤلاء ليسوا متاثري انسانيا بقتل جمال خاشقجي، لان وببساطة فاقد الشيئ لا يعطيه.
ولو كان هؤلاء حريصون على حياة الناس لما سكتوا مقابل كل التقارير الصادرة من مؤسسات الامم المتحدة حول قتل المدنيين وعلى رأسهم الاطفال في اليمن، بل استمرت بريطانيا وامريكا وفرنسا وغيرها من الدول التي تسمي نفسها بالعالم المتحضر ببيع الاسلحة وابرام الصفقة تلو الاخرى مع محمد بن سلمان الذين يصفونه اليوم بكرة النار وانه لايستحق ان يكون من قادة العالم وغيرها من التوصيفات التي هي في الواقع من الصفات الجينية لآل سعود والوهابية التي يعتنقونها.
ولكي لا نذهب بعيدا علينا ان نستذكر ان كل هؤلاء وقبل قتل خاشقجي كانوا يمتلكون تقارير موثقة ويعلمون علم اليقين ان صديقهم الحميم محمد بن سلمان وزبانيته ، قد اعتقل من قبل الخاشقجي ، آلاف الناشطين واحتجز رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري واجبره على تقديم الاستقالة وكاد ان يقطعه ايضا لولا تدخل ماكرون، ناهيك عن انهفي آذار (مارس) احتجزت ناشطة نسوية معروفة وهي لجين الهذلول في أبو ظبي، ونقلت بسرعة إلى السعودية ومن ثم إلى السجن. وفي ايلول (سبتمبر) تعرض ناشط سعودي ساخر يقيم في لندن إلى عملية ضرب وان الداعية سلمان العودة ومجموعة كبيرة معه ينتظرون حكم الاعدام . ليس هذا وحسب بل ان خالد بن فرحان آل سعود وهو من العائلة المالكة، كشف أن خمسة أمراء اختفوا عندما حاولوا مشاهدة الملك سلمان وطرح موضوع خاشقجي، وأن هناك خمسة أمراء آخرين اختفوا من منافيهم ولا يزال مصيرهم مجهولا ومنهم عبد العزيز بن فهد وخالد بن طلال وتركي بن بندر. ولا ننسى ان الشيخ النمر هو الاخر امسى شهيد الكلمة ولايمكن لاحد من هؤلاء ان ينكر بانه لم يكن له علم حين قطعوا رأسه بالسيف على رؤوس الاشهاد.
اذا ما الذي غيرموقف هؤلاء بعد قتل الخاشقجي في الثاني من اكتوبر ترين الاول الماضي ؟ الجواب هو ان هذا الرجل كان يكتب عمودا في واشنكتن بوست الامريكيه وليس في احدى صحفنا العربية ، التي على الرغم من اسماءها المختلفة وعددها الكبير، ترفع كلها شعارا واحدا فقط وهو (الله ايخلي الريس ، الله ايطول عمره) والاعلام في الغرب يعني االرأي العام التي جعلت من ترامب وتريزا مي وماكرون رؤساء يحكمون العالم ، والاهم من كل هذا ان هؤلاء مجتمعين ليسوا بصدد مقتل جمال بل على الاموال التي يحلبونها من السعودية واخواتها.
ولذلك هم يسعون من خلال كسب الوقت ان يجدوا طريقة ليمسكوا العصى من الوسط فخير الامور اوسطها ومحمد بن سلمان ليس اعز من الشاه ولا من القذافي ولا منزين العابدين بن عل ولا حسني مبارك وووو . وهم قادرون على اخراج محمد بن سلمان من نفس الحفرة التي اخرجوا بها صدام ، لكن الوضع مع المليارات من الجزية السعودية يستدعي ان يملؤا هذه الحفرة باخر يمكن له ان يلعب نفس الدورلان كل الاسماء في العائلة المالكة في السعودية وان اختلفت انما تنتهي " بن عبد العزيز ال سعود وبذلك سيغيرون غرابا باخر لان كلاهما ينعق ، لكن القادم سيكون تحت السيطرة مباشرة.
الباحث في الشؤون السياسية: رائد دباب - اذاعة طهران