وقد أدى ذلك إلى إعادة ظهور وتعزيز الآراء المنتقدة حول وجود التمييز العنصري المنظم في المجتمع الأميركي ضد السود، في وسائل الإعلام والرأي العام.
الضحايا المنحدرون من أصل أفريقي
الأرقام المنفصلة لضحايا كورونا في الولايات المختلفة، تظهر أن الأفارقة أكثر عرضةً للإصابة بالقياس إلي بقية السكان.
يشكل الأفارقة السود 25 في المائة من سكان الولايات المتحدة، رغم ذلك فإن 45 في المائة من المصابين و70 في المائة من الضحايا هم من السود.
شيكاغو هي واحدة من المدن التي أُعلن فيها أن عدد المرضى السود مرتفع. وعلى الرغم من أن السود يشكلون 30 في المائة من السكان فحسب، لكنهم يشكلون 72 في المائة من مرضي كورونا.
صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت في هذا الصدد: إن "عدد المصابين الذين يعيشون في مناطق معظم سكانها من السود، يبلغ ثلاثة أضعاف عدد المناطق التي يشكل البيض أغلبية السكان فيها".
وهذا الوضع أسوأ بين الضحايا السود، حيث أن الضحايا السود في الولايات المتحدة هم أكثر عرضةً للإصابة بكورونا مقارنةً بالآخرين بست مرات. وكانت عمدة شيكاغو "لوري لايتفوت" أول من حذر من هذه الإحصاءات، حيث قالت في هذا الصدد: "لدينا نفس المشكلة مع إحصاءات عن أمراض أخرى، مثل مرض السكري وأمراض القلب. نحن نتحدث منذ فترة طويلة عن الطاعون الذي أصاب السود في شيكاغو".
مثل شيكاغو، هناك مدن أخري مثل "ميلووكي" في ولاية "ويسكونسن"، حيث أن عدد السود فيها أقل بنسبة 26 في المائة من السكان، ولكنهم أكثر عرضةً للإصابة بنسبة 73 في المائة.
في "ميشيغان" أيضاً، حيث تبلغ نسبة السود إلى البيض 14 في المائة، عدد المصابين من السود لا يزال في القمة. وهذا الوضع أكثر بكثير في المدن التي بها عدد كبير من السكان السود، مثل مدينة "نيو اورلينز" في ولاية "لويزيانا" التي لديها رابع أعلى معدل للإصابة، و70٪ من سكانها من السود، وعدد الضحايا فيها أكبر من عدد المصابين.
تقول "ليندا ري موري" أستاذة الصحة العامة في جامعة "إلينوي" بهذا الصدد: "لا علاقة لهذا الموضوع كورونا، لكن كورونا كشف ما هو موجود في المجتمع لفترة طويلة".
التمييز العنصري المتجذر
مع صعود ترامب في المشهد السياسي الأميركي، تدهور وضع الأقليات العرقية والإثنية بشكل أسوأ من ذي قبل.
في استطلاع أجرته "وول ستريت جورنال" و"بي بي سي نيوز" حول الحملات الانتخابية لعام 2020، جاء ترامب في المركز الرابع بعد بايدن وساندرز ووارن. واعتبرت الصحيفة أن السبب المحتمل لهذا التراجع في موقع ترامب، هو غضب المجتمع الأميركي من السلوك والتصريحات العنصرية. حتى أن كبار مستشاري ترامب مثل "ستيفن ميللر" يعبرون علانيةً عن آرائهم العنصرية، مما دفع 25 مشرعاً للمطالبة بإقالته في رسالة لهم.
الأجواء العنصرية التي أوجدها ترامب، أظهرت بسرعة آثارها المدمرة في ظل تفشي كورونا، وأثارت شكوكاً خطيرةً حول جودة خدمات الرعاية الصحية للسود.
وفي تقييم لهذا الوضع، كتبت صحيفة واشنطن بوست: "حرمان السود من السكن المناسب، عدم حصولهم على الخدمات الطبية، عدم قدرتهم على الوصول والقرب من المتاجر ومحلات المواد الغذائية، عوامل جعلت فيروس كورونا في هذا الوضع الذي نواجهه اليوم".
كما أن العديد من السود في المناطق التجارية والصناعية الرئيسية في الولايات المتحدة، هم عمال الصناعة والمصانع ولا يمكنهم ترك وظائفهم، وترددهم من المنزل إلى العمل قد زاد من حالات الإصابة.
وبهذا الصدد، يقول "أنتوني فاوتشي" مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية في الولايات المتحدة: "في الوقت الحاضر، لا يمكن فعل أي شيء سوى تقديم أفضل الخدمات الطبية الممكنة. من الضروري تقديم أفضل رعاية طبية".
المخاوف بشأن التمييز العنصري في البيت الأبيض وصلت إلى الكونغرس أيضاً، حيث بعث عدد من أعضاء الكونغرس برسالة إلى "أليكس عازار" وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي، يطلبون منه تقديم "إحصائيات دقيقة وواضحة عن مكان وعرق وعمر المصابين بالكورونا وضحاياه، لأن هذه الأرقام ضرورية لفهم ما يحدث في بعض المجتمعات الأمريكية الأكثر حساسيةً".
كذلك، لدى السود الأميركيين خدمات تأمين أقل، وتسببت الوظائف الشاقة وغياب الأمن الاقتصادي في القلق والتوتر بين هذه الشريحة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني السود من مشاكل طبية مثل الربو والسكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب أكثر من غيرهم.
سكان نيويورك السود أيضاً، الذين يشكلون 22 في المائة من السكان، شكلوا 28% في المئة من جميع الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في المدينة، الأمر الذي أشعر بعض مسؤولي المدينة بالقلق.
وفي هذا السياق، أشار حاكم ولاية نيويورك "أندريه كومو" إلي معدل الإصابة بين السود، وقارن بين ضحايا كورونا السود وإعصار كاترينا منذ 15 عامًا، وقال: "الناس الذين كانوا واقفين على أسطح البيوت، لم يكونوا من أغنياء البيض".
على الرغم من أن الإصابة بـ "كوفيد19" لا علاقة لها بلون البشرة أو العرق، لكن العدد الكبير من المصابين السود يُظهر الجرح القذر للتمييز العنصري التاريخي في المجتمع الأميركي، وترامب هو الرئيس الأكثر دوراً وتأثيراً في عفونة هذا الجرح في الولايات المتحدة.
المصدر: الوقت