لكن في الوقت الذي يحشد العالم قدراته وامكاناته المادية والمعنوية لمكافحة هذا الوباء، يأبى النظام الاميركي إلا ان يواصل طريق المزايدات السخيفة والسلوكيات الخرقاء لاستغلال تداعيات هذا المرض سياسيا ودوليا.
من الثابت ان كورونا افرز تحولات جذرية تركت تاثيرا تغييريا بالغا على الاستراتيجيات الاستكبارية الاميركية، واتاحت ايضا إشعار الانظمة المتعجرفة بمدى ضعفها امام فيروس لا يرى الا بواسطة الميكروسكوبات الضوئية الدقيقة.
واقع الحال هو ان الولايات المتحدة هي معنية اكثر من سواها بانها عرضة للانهيار هي وبرامجها الجهنمية تحت تاثير هذا الفيروس اللامرئي.بيد ان المصيبة هي ان اميركا تتظاهر بالمكابرة وتحاول القاء المسؤولية على هذه الدولة او تلك بانها وراء انتشار وباء كوفيد-19 لتتملص هي منها، في حين انها اول المتهمين في ذلك.
تصوروا ان البارجة روزولت التي هي قاعدة حربية عملاقة عائمة ويتواجد فيها 5000 ضابط و جندي اميركيين، تضم الان اكثر من 500 مصاب بالعدوى وان ربانها الذي اعفي من منصبه، اعترف بان خطر الموت يحدق بآلاف العسكريين في البارجة، والسؤال هنا من اين اتى الفيروس الى هؤلاء وهم يفترشون البحار والمحيطات ويلتحفون السماء؟!!
ومن المعلوم بان اميركا المتغطرسة تقع في المرتبة الاولى من حيث عدد الاصابات والموتى، وان مناطقها تعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية الوقائية، حتى ان حكام بعض الولايات لا يترددون في إدانة السياسات الصحية للرئيس الاميركي دونالد ترامب وفريقه بسبب عجزه وعجزهم عن توفير ابسط المتطلبات.
إنه في عالم الامبريالية الظالمة ثمة أُناس جشعون دخلوا على خط الكورونا لاستغلال الدول والشعوب عبر الاتجار بالمرض وحتى الاقدام على ممارسة القرصنة لسرقة بواخر الشحن والحافلات البرية الحاملة لمستلزمات طبية مثل الكمامات والكفوف واجهزة التنفس والمساعدات الذاهبة الى بلدان بعينها، وقد شهد المجتمع الدولي كيف صادرت اميركا وبأسلوب لا أخلاقي طائرة شحن صينية في مطار بكين كانت تعتزم ارسال شحنتها الطبية الى فرنسا.
يقول الباحثون والخبراء: ان وباء كورونا كشف افلاس النظام الرأسمالي الليبرالي الاميركي الراهن على جميع المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والاخلاقية والعلمية، فقد تهاوت قيم و مبادئ كثيرة قام عليها هذا النظام بعد الحرب العالمية الثانية مثل التضامن بين الدول والحكومات الغربية، اذ عادت الشوفينية الوطنية في ابشع صورها، وتم الدوس على حقوق الانسان في الدول المتقدمة التي تتشدق بالدفاع عنها، وقد شهدنا السقوط الاخلاقي المدوي لدى التضحية بكبار السن لانقاذ من هم اصغر سنّاً بحجة شحة المعدات الطبية؟!!
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي