رغم تحذير منظمة الصحة العالمية الثلاثاء من أن الولايات المتحدة يمكن أن تتجاوز أوروبا قريبا وأن تصبح البؤرة الجديدة لوباء كورونا على المستوى العالمي، بعد ان شهدت تسارعا قويا جدا في عدد الاصابات، اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفي ذات اليوم وفي حديث مع شبكة فوكس نيوز الامريكية، ان القيود المفروضة على المواطنين جراء انتشار فيروس كورونا قد تؤدي نفسها إلى حالات انتحار بالالاف.
ورغم التفشي السريع لوباء كورونا في امريكا واصابته اكثر من 50000 شخص، ووفات ما لا يقل عن 660 شخصا، ومطالبة حكام بعض الولايات من 100 مليون شخص بالبقاء في منازلهم، اعلن ترامب انه سيخفف إجراءات الإغلاق التي فرضت لاحتواء فيروس كورونا بحلول منتصف نيسان/ أبريل المقبل.
ورغم تاكيد خبراء الصحة في امريكا ومنظمة الصحة العالمية على ان البقاء في المنازل هو الطريقة الوحيدة لمنع التفشي السريع لوباء كورونا القاتل في امريكا والعالم ، اعلن ترامب ان هذه القيود أسوأ من المشكلة لانها ستؤدي الى ركود او كساد هائلين.
ورغم ان وزارة الدفاع الامريكية تحدثت عن احتمال استمرار الأزمة "عدة أشهر" مع توقع العودة إلى الحياة الطبيعية بحلول حزيران/ يونيو أو تموز/ يوليو، اعلن ترامب ان العلاج الوحيد ان نعيد بلدنا للعمل وان امريكا في حاجة للعودة إلى العمل ، في وقت أقرب مما يعتقد الناس.
ورغم ان اغلب حكام الولايات والجهات الصحية والراي العام الامريكي والاعلام والصحافة والخبراء في مجال الصحة يرجحون فرض قيود على حركة التنقل والبقاء في المنازل، اعلن ترامب ان الكثير من الناس يتفقون معه في رفض اغلاق البلاد.
ورغم الارقام التي نشرتها جامعة جونز هوبكنز عن عدد الاصابات والوفيات بوباء كورونا في امريكا والتي جعلتها الدولة الثالثة في عدد الحالات المسجلة بعد الصين وإيطاليا، وتحذير حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو من أن معدل الإصابات الجديدة يتضاعف كل ثلاثة أيام ، مقدرا أن الوباء سيصل الى ذروته في غضون 14 إلى 21 يوماً، اعلن ترامب عن سروره!! بإفتتاح البلاد وجعلها تنطلق بحلول عيد الفصح الذي يصادف 12 نيسان/ أبريل.
تصريحات ترامب غير المسؤولة والصبيانة خلقت حالة من الهلع لدى الراي العام الامريكي الذي كان قد شكك منذ بداية تفشي وباء كورونا في العالم بقدرات ترامب العقلية على مواجهة الوباء اذا ما انتشر في امريكا، بعد ان قارن كورونا بالانفلونزا الموسمية.
هلع الامريكيين من مواقف رئيسهم هو هلع في محله، فالرجل وبحكم طبيعته الشخصية وتركيبته العقلية والافكار الشاذة التي تحكم تصرفاته، كان ومازال يستخف بخطر وباء كورونا، وهو الاستخفاف الذي دفع الخبراء الى اتهامه بالتقليل من جسامة التهديد، فاضطر الى ان يتراجع قليلا امام هذا الاتهام ويعلن انه في حالة حرب ضد عدو غير مرئي، الا انه سرعان ما انقلب على هذا الموقف وعاد الى نغمته المفضلة بالتقليل من خطر الوباء وقال في مقابلته مع فوكس نيوز، إنه يعتقد أن الإغلاق كان رد فعل "مبالغا فيه"، مكررا مقولته "ان العلاج أسوأ من المرض نفسه".
ولتاكيد صحة قوله اضاف ترامب :"نحن نفقد آلافا وآلافا من الناس كل سنة بسبب الإنفلونزا، ولا نغلق البلد… ونفقد عدداً أكبر من ذلك في حوادث الطرق. ولم نقل لشركات صناعة السيارات: توقفوا عن صنع السيارات. لا نريد مزيداً من السيارات".
بهذه العقلية الصبيانية يقود ترامب امريكا التي ستتحول سريعا الى بؤرة لوباء كورونا وفقا لخبراء الصحة في العالم، وهو ما ينذر بوقوع ليس ركودا او كسادا في امريكا، وهو ما يخشاه ترامب الجشع، بل كارثة انسانية كبرى لا تُسقط ترامب بالضربة القاضية وتطيح به وبمستقبله السياسى فحسب، بل ستُدخله التاريخ كأغبى رئيس مرّ على أمريكا.
الكاتب : سعيد محمد