ليس من المعقول أن تكون هذه الاساءات من دون عمل منظم وادارة ومؤسسة أخذت على عاتقها توجيه الاهانات لليمنيين في السعودية، ومما لاشك فيه أن الذرائع لهذه الاساءات تارة تكون قومية ودفاعا عن السعودية واهلها، كالتحذير من بعض المظاهر السلبية التي يقوم بها اليمنيون في السعودية، وتارة تظهر وكأنها حريصة على اليمن وضرورة رحيل اليمنيين الى بلادهم ليدافعوا عنها مقابل ما تسميه بـ (العدوان الحوثي).
وهناك العديد من الأدلة التي تؤكد أن هذا العمل منظم وتتبناه شخصيات أو مؤسسات قوية ومتنفذة وليس من المستبعد أن تكون رسمية، ومن بين هذه الأدلة:
أن ايادي القضاء والامن لا تصل اليها وتطالها، فالشرطة والاجهزة الأمنية السعودية التي تطال أي شخص ينشر شيئا معارضا لسياسات الدولة سواء بجملة او مقطع فيديو أو غير ذلك، وتعلن بكل فخر بأنها ألقت القبض عليه وقدمته الى المحاكم؛ ليس من المعقول أن لا تدري من الذي يوجه الاساءات لليمنيين ويتهجم عليهم بأية ذريعة كانت.
أن معظم الذين يتبنون هذا العمل المنظم في وسائل التواصل الاجتماعي لا يظهرون باسماء حقيقية، وانما بأسماء وهمية غير معروفة وعامة، كوطني هويتي أو غيرها من الأسماء العامة، وحتى لو ظهرت باسماء فانها غير موجودة في السعودية، مما يشير الى أن الذين يتبنون هذا العمل ينتمون الى جهة واحدة ولكن باسماء متعددة.
ان الاساءات توجه لعموم اليمنيين واليمن وليس للاشخاص الذين يمارسون الاخطاء، هذا اذا تم اعتبار ان هذه الممارسات خاطئة، فعلى سبيل فان بعض حسابات التواصل الاجتماعي تتهم الفرق الموسيقية اليمنية في السعودية بنشر الفساد والانحلال في المملكة، والجميع يعلم أن هذه الفرق تحصل على رخص من الدوائر الرسمية للقيام بنشاطاتها، وغالبا ما تكون فعالياتها في اطار مهرجانات الفسق والفجور التي بدأت تظهر في السعودية بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، وسياسة التحلل الاخلاقي الذي يسعى الى ارسائها في المجتمع السعودي المحافظ، فاذا كان من المفترض انتقاد هذه الفعاليات فيجب انتقاد من سمح لها بالنشاط والفعالية.
لاشك أن الاساءة لليمنيين ليست وليدة الساعة وانما تبلورت الاساءة لهم منذ تسلم آل سعود للحكم، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم أي سعودي يريد اهانة صديقه أو قريبه يقول له (يمني)، ولم تتوقف الاساءات يوما رغم أن الآلاف من اليمنيين حصلوا على الجنسية السعودية، بل بعضهم أصبح مسؤولا كبيرا في الحكومات السعودية المتعاقبة، فضلا عن أن الكثير منهم اصبحوا رجال اعمال وتجار ونخب، نتيجة المساعي التي يبذلونها سواء في المجال الاقتصادي والتجاري أو العلمي والثقافي.
غير أن الهجمة تزايدت على اليمنيين منذ القرار الذي اتخذه سلمان بن عبد العزيز بالعدوان على اليمن، حتى أن البعض لم يجد شيئا يهاجم به اليمنيين فهاجم السعوديين الذين يرتدون الزي اليمني، سواء العمامة والقبعة التي يعتمروها أو الرداء الذي يلبسوه، واعتبره غزو ثقافي يمني للسعودية.
ولكن السؤال المطروح هو ماذنب اليمنيين في الذي يجري، هل هم الذين شنوا العدوان على السعودية أو بادروا بمهاجمتها والحرب عليها أم الذي بادر الى ذلك هي الحكومة السعودية؟ ثم هل نسى السعوديون ان الذي بنى بلدهم الى ما وصلت اليه هم العمال الاجانب وخاصة العمال اليمنيين، فلماذا نكران الجميل؟
أن اليمنيين من حقهم أن ينتقلوا من بلادهم الى السعودية ويستفيدوا من جميع امكانياتها، لأن الحكومة السعودية هي التي تسببت وتتسبب بتدمير بلادهم، وهي التي تجوع الشعب اليمني عبر محاصرته، بل هي والامارات تتسببان في الحروب والصراعات حتى في المناطق التي لا تسيطر عليها حركة أنصار الله، وبالتالي ليس من حق أي سعودي الاساءة لليمنيين.