كما كان متوقعاً، لم تتمكن الدوريات الروسية ــــ التركية من قطع الطريق الدولي (M4) أمس، في ظل إصرار المسلحين المدعومين من تركيا على إفشال الاتفاق ومنع فتح الطريق.
وفق «تنسيقيات المسلحين»، تركزت «مطالب المعتصمين على رفض تسيير الدورية... المشتركة، مع رفض فتح M4». حتى الآن، لا يوجد ما يثبت هل أن أنقرة من خطط لعرقلة الاتفاق بالتعاون مع الفصائل، أو فعلت الفصائل ذلك من تلقاء نفسها، خاصة أن مقاطع فيديو تداولتها «التنسيقيات» أظهرت رشق الآليات التركية بالحجارة أثناء مرورها على الطريق الدولي عند أطراف بلدة النيرب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. ومن جهة أخرى، حرصت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) على إظهار موقفها الرافض لتطبيق الاتفاق من أصله، وذلك بتأكيد زعيمها، أبو محمد الجولاني، «رفض الهيئة دخول أي جندي روسي إلى المناطق المحررة»، قائلاً: «الروس إذا أرادوا الدخول عسكرياً... فسننال شرف مواجهتهم والتصدي لهم».
جراء ذلك، أصدرت الدفاع الروسية بياناً أمس، قالت فيه إنه «تم تسيير أول دورية مشتركة مع تركيا على جانب من M4 في منطقة إدلب لخفض التصعيد»، لكن «تم اختصاره بسبب استفزازات مخططة من عصابات مسلحة متطرفة غير خاضعة لتركيا».
البيان شرح أن «الإرهابيين حاولوا، من أجل تنفيذ استفزازاتهم، استخدام السكان المدنيين دروعاً بشرية، بما في ذلك النساء والأطفال»، ولذلك «مُنح وقت إضافي للجانب التركي لاتخاذ إجراءات خاصة بتحييد التنظيمات الإرهابية، وضمان أمن الدوريات المشتركة». وبدت لافتة محاولة البيان تبرئة تركيا من تصرفات المسلحين، وفي الوقت نفسه تحميلها مسؤولية التعامل مع الفصائل، وحل المشكلة معهم، بالسلم أو الحرب.
في هذا السياق، تنقل مصادر ميدانية أن «الدوريات التركية الروسية التقت على مشارف بلدة ترمبة غربي سراقب، ونفذت مساراً للدورية لم يتجاوز 8 كلم»، موضحة أن «قطع الطريق، بتحريض من المجموعات المسلحة، أدى إلى اختصار مسافة الدورية ووقتها حفاظاً على سلامة العناصر».
وقالت المصادر لـ«الأخبار»، إن «الجيش السوري هيّأ كل الظروف لإنجاح خطوة تسيير الدوريات وفتح الطريق، عبر رفع السواتر في النقاط التي تربط بين ترمبة غرباً وعين الحور شرقاً»، مضيفةً: «الجيش أظهر التزاماً كاملاً بوقف إطلاق النار لخلق ظروف مناسبة لإنجاح فتح طريق حلب ــــ اللاذقية سلمياً».
ويُتوقع أن تتكرر المحاولات الروسية مع تركيا لمنحها فرصة لضبط المسلحين وإبعادهم عن M4، وإلا فستظهر في موقف محرج.
ومع ترجيح استنفاد أنقرة الفرص الروسية، بإقناع الجماعات المسلحة، فإنها ستكون أمام خيارين: محاربة هذه الفصائل، أو ترك المهمة للجانب الروسي لتطبيق الاتفاق بالقوة.
مع هذا، يظهر حرص الأخير على منح فرص جديدة، لكن المصادر الميدانية تؤكد، في المقابل، أن «الجيش السوري لا يزال في مرحلة الجاهزية الكاملة لمواجهة أي خرق لوقف النار»، خاصة أن «الفشل في تطبيق الاتفاق سيقابله سعي الجيش إلى فتح الطريق بالقوة، خلال مدة قصيرة، بالتنسيق مع الروس».
إلى ذلك، استهدفت المدفعية التركية ظهر أمس منازل المدنيين في قرية طويلة الوكاع في الريف الشمالي الغربي لناحية تل تمر في ريف الحسكة الغربي، فيما انفجرت عبوة داخل أحد مقار الفصائل المسلحة في مدينة رأس العين، من دون معلومات عن الخسائر، وسط أنباء عن فرض الجيش التركي طوقاً حول مكان التفجير ومنع المدنيين من الوصول إليه.
المصدر: جريدة الاخبار