طبعا لم يكن خاشقجي يحمل بندقية لمقاتلة النظام الحاكم في نجد والحجاز بل كان فقط يطرح آراءه من خلال كتاباته الصحفية.
وبالمناسبة الرجل كان قريباً جداً من مصادر القرار للسلطة السعودية، وقد عمل مستشاراً إعلاميَّاً للأمير تركي الفيصل (رئيس الإستخبارات العامة الـسعودية عامي 1977–2001 وبعدها السفير السعودي في لندن ومن ثم في واشنطن).
إلا ان جمال خاشقجي عارض في السنوات الاخيرة سياسة آل سعود من خلال قلمه الذي أقض مضاجع السلطات السعودية وخصوصا ولي العهد محمد بن سلمان.
من هنا بدء النظام السعودي بالتخطيط لتصفيته وبالفعل تم استدراج الرجل الى القنصلية السعودية في اسطنبول حيث طلب منه الحضور يوم الثلاثاء 2أكتوبر/تشرين الثاني الجاري الى هذه القنصلية ليستلم مستمسكات تتعلق بزواجه من خطيبته التي كانت ترافقه قبل دقائق من دخوله المبنى وبقيت بإنتظاره خارج المبنى حيث أكدت انه لم يخرج من القنصلية، وأنقطع اتصالها به منذ لحظات دخوله مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول.
في حين اكد القنصل العام السعودي في اسطنبول محمد العتيبي ان جمال خاشقجي دخل لاستلام مستمسكات خاصه به و خرج من القنصلية سريعا.
من جانبه الامن التركي اكد وصول 15سعوديا من بينهم مسؤولين الى القنصلية السعودية في اسطنبول تزامنا مع وجود جمال خاشقجي فيها، مشيرا الى ان هؤلاء هم من شرطة السعودية.
وفي نفس الوقت مستشار الرئيس التركي ياسين اقطاري اكد بأن سلطات بلاده ترجح قتل الخاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول وإن مجموعة 15سعوديا ضالعة في قتله.
الشرطه التركية قالت ان لديها دليل قطعي وتفصيلي عن تعذيب الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول قبل قتله.
اذن جميع الأدلة تؤكد ان الصحفي السعودي جمال خاشقجي تم تصفيته جسديا داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.
جريمة اختفاء او قتل جمال خاشقجي كشفت للعالم عن الوجه الحقيقي للنظام السعودي الحاكم في نجد والحجاز، وهذه ليس الجريمة الاولى ولا ستكون الأخيرة، فديدن هذا النظام الدموي هو اللجوء لهذه الاساليب مع جميع المعارضين له.
إلا ان الملفت للنظر هو الطريقة الهمجية في هذه الجريمة، طريقة قتل مقززة للغاية تتنافى مع المبادئ الاسلامية، فلا يجوز المُثلة حتى بالكلب العقور، وهي تعيد بنا الذاكرة الى ممارسات نظام صدام في التعامل مع معارضية والجرائم التي نفذها حتى مع اقرب المقربين له وما فعله بصهره المدعو حسين كامل.
وفي الحقيقة بدءت تتضح للعالم شيئا فشيئا الصورة الكريهة لنظام آل سعود وخصوصا بعد ان اصبح محمد بن سلمان وليا للعهد والذي اتبع خطى صدام رئيس النظام البائد الذي حكم العراق بالحديد والنار عقود من الزمان.
فأوجه التشابه واضحة جدا بين هذين النظامين وذلك من قبيل هذه الجرائم ضد مناوئيهم، وإشعال الحروب مع دول الجوار بصوره مباشرة او غير مباشرة كما هو الحاصل من التدخل السعودي السافر في شؤون سوريا والعراق ولبنان والعدوان على اليمن، وإفتعال الازمات مع دول المنطقة بذرائع واهية.
ويبدو ان النظام الحاكم في السعودية يعتبر هذه الممارسات مصدر قوة له، ولكن العكس هو الصحيح، وبعبارة دقيقة وواضحة انها أفعال مشينة وسياسة خاطئة لنظام يحفر قبره بيده.
هذه المرحلة التي وصلها النظام الحاكم في السعودية هي نفسها التي سبقت سقوط صدام المقبور، لاسيما والتصريحات الأخيرة للرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن الملك سلمان بن عبد العزيز واستمرار حكمه.
وتمثل الوقائع التي تجري اليوم نذر شئم للنظام السعودي الذي بدء العد العكسي لطي صفحته الملطخة بدماء الأبرياء من شعوب المنطقة ومن شعب نجد والحجاز.
جابر كرعاوي / لموقع إذاعة طهران العربية