وقالت الصحيفة إن مبارك -الذي توفي أمس الثلاثاء- أتيحت له فرصة لتحرير بلده وتحديثه أكثر من أي حاكم عربي آخر من جيله، لكنَّه رفض ذلك، فكان رفضه أحد أسباب ثورة عام 2011، وسببًا رئيسيًّا للقمع الذي حل بمصر اليوم.
وأشارت إلى أن السمة التي طبعت عهد مبارك -القائد السابق في سلاح الجو المصري، الذي قذفت به الأحداث إثر اغتيال أنور السادات عام 1981 إلى كرسي الرئاسة- كانت عدم الرغبة في التغيير، سواء تعلق الأمر بشؤون الدولة أو بشخصه.
وأوضحت أن مصر عانت من الركود الاقتصادي على مدى عقود في ظل حكم مبارك، الذي اعتمد على الاقتصاد شبه الاشتراكي والأيديولوجية القومية العربية التي صاغها جمال عبد الناصر في الخمسينيات، رغم الانفجار السكاني الذي شهدته البلاد، والتحول العالمي نحو التكامل الاقتصادي؛ مما أدى إلى تأخر مصر.
تكريس النظام القمعي
وقالت واشنطن بوست إن الاقتصاد المصري لم يكن الوحيد الذي عانى بسبب ضعف شهية مبارك للتغيير؛ فعلى صعيد السياسة عمد مبارك إلى تزوير الانتخابات، واستهداف المعارضين السلميين المطالبين بالديمقراطية، والذين زج بالعديد منهم في السجن وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، كما سعى إلى توريث ابنه جمال كرسي الرئاسة؛ مما أشعل ثورة ضده.
ووفقا للصحيفة، فإن استهداف مبارك قوى المعارضة لم يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، التي سمح للعديد من أعضائها بالوصول إلى قبة البرلمان، وإنما استهدف المعارضة الديمقراطية العلمانية المؤيدة للغرب أيضا، مما سمح له بوضع داعميه في البيت الأبيض والكونغرس بين خيارين: قبول دكتاتوريته، أو استيلاء الإسلاميين على السلطة.
ورأت واشنطن بوست أن التحول الديمقراطي بعد الثورة المصرية تعثر بسبب الصدام بين الجيش والإسلاميين، فقد غرقت مصر منذ انقلاب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، في نظام أشد قمعا من نظام مبارك، واتسم عهده بقتل آلاف المدنيين خارج نطاق القانون، كما زج بعشرات الآلاف من السياسيين في السجن.
وختمت الصحيفة بأن الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والمصري عبد الفتاح السيسي لم يستخلصا الدروس من فشل الرئيس الراحل مبارك، بل كرّسا نموذج النظام القمعي الراكد الذي انتهجه مبارك، فمصر ما زالت متخلفة عن ركب الدول المتقدمة، وما زال المدافعون عن الإصلاحات الليبرالية وحرية التعبير يتعرضون للقمع، وما زال الإسلاميون القوة المعارضة الأقوى في البلد.
المصدر : واشنطن بوست