الملك سلمان وكما هو شأن اسلافه كان يعرف حق المعرفة منذ اليوم الاول لوصوله الى السلطة انه يفتقد الى ابسط مقومات قيادة العالم الاسلامي كما يدعي، بل انه يفتقد الى صلاحية حكم المملكة السعودية ايضا ، لذلك تمادى اكثر من الاخرين لابداء فروض الطاعة الى امريكا وزاد من هذا الانبطاح على عهد ترامب لتحقيق الحلم الاول واستمرار الحلم الثاني.
سلمان كان يصف نفسه بانه الحليف الاستراتيجي لترامب حاليا ، وكان ينشد دعمه لقمع معارضيه في الداخل ، وبالتالي كان يضمن بقاءه في السلطة وخلافة نجله له بعد موته من خلال انفاق الدولارات التي يحصل عليها من بيع النفط والسياحة الدينية . سلمان كان يثق بخياره الذي اعتمده لتحقيق هدفه الى درجة انه تجاهل اهانة الرئيس الامريكي له ولبلاده ووصفهما بـ"البقرة الحلوب" ، فيما حاولت وسائل اعلامه تبرير هذه الاهانة التأريخية بأنها تأتي للاستهلاك الداخلي والدعاية الانتخابية.
حين وصف ترامب السعودية بانها البقرة الحلوب، تغافل ولي العهد السعودي بن سلمان عن هذه الاهانة بذريعة انها تأتي في اطار الدعاية الانتخابية . لكن مفهوم تصريح ترامب هو ان البقرة يجب حلبها ما دامت حلوبة وحين ينتهي حليبها يجب ذبحها . ونظرا الى القصف الذي يتعرض له بن سلمان من قبل ترامب والموقف الخجول لولي العهد السعودي حيال هذه المسالة خلال مقابلته مع وكالة "بلومبرغ" والذي اكتفى بالقول ان تصريح الرئيس الامريكي غير دقيق ، السؤال الذي يطرح نفسه هو ، هل حان وقت ذبح الملك سلمان في مسلخ ترامب ؟ . المؤشرات تشير الى انه ، حتى لو افترضنا بأن وقت ذبح السعودية من منظار ترامب لم يحن بعد فان موعد ذبح الملك سلمان واعلان انتهاء صلاحية الحكم السلماني قد اقترب.
هناك نقطتان بامكانهما تسليط الضوء لفهم كلام ترامب واذلال سلمان ، الاولى هي ان ترامب ومنذ يوم السبت وحتى الثلاثاء من الاسبوع الماضي اي في غضون اربعة ايام اعرب مرتين وبشكل رسمي عن استيائه حيال اداء الحكام السعوديين . في الاعلان الاول اي يوم السبت قال ترامب بانه قال للملك السعودي بانه لا يمكنه البقاء في السلطة اكثر من اسبوعين بدون دعم واشنطن. وبالطبع فانه اكمل تصريحه هذا بعد اربعة ايام حين قال ان المك السعودي يملك عدة تريليونات دولار وانه بلا دعم الولايات المتحدة لا يعرف احد ما ستتعرض له السعودية . التمعن في تصريح ترامب لاسيما تركيزه على فترة الاسبوعين للحكم السلماني في حال سحب ترامب دعمه له، في الحقيقة ليس تحذيرا بل هو تهديد يمكن تطبيقه في لمح بصر فيما لو لم يبذل الملك سلمان ما بوسعه لتحقيق المطالب الامريكية. الملك سلمان يعرف جيدا بان هذا التهديد جدي وان امريكا وترامب لديهما المعلومات والتقييمات الدقيقة عن نقاط الضعف والخروقات والفجوات الامنية السعودية، وبالطبع فانهما لن يتوانا في استغلالها اذا اقتضت الضرورة.
النقطة الثانية، هي ان ترامب وخلال قدم دعما اساسيا لسلمان حين قام باعلان ابنه وليا للعهد ، واتمّ هذا الدعم من خلال اسناده له اثناء قمعه وترويعه للمعارضين في الداخل سواء على صعيد الامراء او الناشطين المدنيين، وختمه بدعم الخطوات التي قام بها ولي العهد والتي وصفت باصلاحات بن سلمان . كما انه دعم السياسة الاقليمية التي اعتمدها سلمان ونجله لاسيما عدوانهما على اليمن. لذلك فان اقل ما يتوقعه ترامب من سلمان هو ان ضمان امن سوق النفط في غياب ايران لا يجب ان يواجه بتصريحات مثل "لايمكن" او "لا نستطيع". لاشك ان الامراء السعوديين التواقين للسلطة يترصدون الاوضاع كالذئاب الكاسرة لاستغلال فشل سلمان وتحقيق تطلعات ترامب.
منذ اللحظات الاول لانطلاق مشروع "سلمنة السعودية" كان واضحا بان امريكا تحتفظ بالمعارضين لهذا المشروع في جعبتها . الظواهر تشير الى ان العهد السلماني في نهايته لان رفع انتاج النفط وفق اهواء ترامب يهدد بانهيار الاقتصاد السعودي، والتنصل عن اوامر ترامب سيفعّل مشروع التوديع السلماني في غضون اسبوعين. كما انه وفي مثل هذه الظروف فان البحث عن حلفاء اقليميين للخروج من هذه الازمة توقف في المحطة الكويتية، واسعار النفط في اوبك وصلت الى اعلى مستوى لها خلال الاشهر الاخيرة ، هذا فضلا عن ان فشل او نجاح مؤامرة الحظر الايراني من قبل امريكا مرتبط بشكل كامل بهذه المعادلة . ولا شك ان سلمان يفكر في هذه الايام اكثر من اي وقت مضى بكيفية اعلان انتهاء صلاحيته ؟ وان حلم "سلمنة السعودية" هل سيكون ضمن نطاق التوجهات الترامبية.
ابو رضا صالح