هذه الصّفقة التي ستُوحِّد الشّعب الفِلسطيني، وجميع فصائله ضِد الولايات المتحدة وحُلفائها في مِنطقة الخليج (الفارسي) الذين سيُموّلونها، وربّما سيدعمونها أيضًا، ستُقدِّم دعمًا سِياسيًّا ومَعنويًّا كبيرًا لإيران وحُلفائها في مُواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، وستدفعها للمُضِي قُدمًا في خُططها للانسِحاب من الاتّفاق النوويّ، وإخراج الولايات المتحدة وقواعدها وقوّاتها من مِنطقة الشرق الأوسط برمّتها.
لم يكُن من قبيل الصّدفة، أن تُعلِن السّلطات الإيرانيّة عن وجود مشروع قرار مُقدّم إلى البرلمان الايراني يُطالب بالانسحاب كُلِّيًّا من الاتّفاق النووي، والتحلّل كُلِّيًّا من قُيوده، وتأكيد السيّد علي أصغر زارايان، نائب رئيس مؤسّسة الطّاقة الذريّة الإيرانيّة، قبل يومين بأنّ مؤسّسته قادرةٌ على تخصيب اليورانيوم بأيّ نسبة تُريدها، وأنّها باتت تملك مَخزونًا من اليورانيوم المُخصّب تجاوز 1200 كيلوغرام سيُضاف إلى الاحتِياطات الأُخرى.
الانسحاب من الاتّفاق النووي لم يَعُد بحاجةٍ إلى تلميح، بل إلى قرارٍ علنيٍّ، لأنّ الظّروف والمُعطيات التي كانت تدفع السّلطات الإيرانيّة للاستمرار بالتمسّك بهذا الاتّفاق لم تَعُد قائمةً بعد انسحاب الدول الأوروبيّة الثّلاث منه، أيّ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتفعيلها آليّة تسوية النّزاعات وعزمها اللُّجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس أمنها لإدانة إيران، وتحميلها المسؤوليّة، وإعادة فرض العُقوبات الأُمميّة عليها.
أوروبا أعلنت الحرب على إيران، وباتت تقف في الخندق الأمريكيّ صراحةً، ولأسبابٍ عُنصريّةٍ مثلما قال السيّد محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني، فالقانون الدوليّ، مثلما أكّد، لا يستفيد منه إلا ذوي العُيون الزرقاء الأصليّة الغربيّة.
ترامب سيكسَب دولة الاحتلال الإسرائيليّ حتمًا بصفقة قرنه هذه، ولكنّه سيخسر منطقة الشرق الأوسط ومُعظم العالم الإسلاميّ إن لم يَكُن كلّه.
* عبدالباري عطوان .. رأي اليوم