وفي يوم الاثنين جاء الرد الامريكي على القرار العراقي وعلى لسان الرئيس دونالد ترامب في تغريدة له هدد فيها الشعب العراقي بفرض حصار اقتصادي عليه بعد ان اصر على اخراج القوات الامريكية.
والسؤال هنا لماذا هددت الولايات المتحدة (حليفها) جمهورية العراق بهذه الورقة؟!
ألا يوجد اسلوب اخر غير هذا التهديد.... على سبيل المثال اتباع الدبلوماسية والحوار؟
ما مدى صواب وجدوى الرد الامريكي على قرار مجلس النواب العراقي الداعي لاخراج القوات الامريكية من البلاد؟
وهنا نقول ان تهديد الولايات المتحدة الامريكية لجمهورية العراق بفرض حصار اقتصادي إذا لم تتراجع الاخيرة عن قرار خروج القوات الاجنبية ينطلق من خلفية تاريخية حيث مارست امريكا هذا السلاح مع الشعب العراقي لسنوات امتدت من (1991 - 2003).
ومثل ابشع واقسى صور الحصار، ففرض على ابناء العراق - باستثناء الشمال - حصارين، حصار داخلي من قبل النظام الحاكم المتمثل بحزب البعث العربي الاشتراكي ورئيسه صدام، وحصار خارجي من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاوربيين والاقليميين في المنطقة لاسيما الدول العربية.
طبعا لابد لنا ان نذكر هنا موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية من ذلك الحصار الظالم على الشعب العراقي فقد فتحت حدودها مع جمهورية العراق وقدمت ما بوسعها من مساعدة لتخفيف وطأة الحصار على الشعب العراقي، على الرغم من ان دماء ابناءها بعد لم تجف وجرحاهم ما زالوا في المستشفيات راقدين اثر حرب الثماني سنوات التي فرضها الاستكبار العالمي من خلال نظام صدام على الجمهورية الاسلامية وهي في العام الاول لتأسيسها.
اما حول عزوف واشنطن عن الدبلوماسية والحوار مع بغداد حول تواجد قواتها على الارض العراقية فهذا يعود الى ان ما تركته عملية اغتيال الفريق قاسم سليماني والقيادي العراقي ابو مهدي المهندس وكوكبة الشهداء من اخوانهم فان امريكا بهذه العملية الارهابية اغتالت مصداقيتها المهزوزة لدى العراقيين، ولم يعد هناك مبرر للحكومة العراقية بما يحفظ ماء وجهها امام الشعب العراقي وامام العالم للحوار مع طرف لا يحترم القانون الدولي ويتجاوز على سيادة العراق.
فعملية الاغتيال التي اشرف عليها من هو على رأس الهرم في الحكومة الامريكية وهو رئيس الولايات المتحدة الامريكية، لم تترك مجالا للشك في ان البيت الابيض يقف وراء بل ويدير جميع العمليات الارهابية التي حصلت في العراق، وهذا الامر سحب البساط من تحت اللوبي الامريكي في مجلس النواب العراقي ولم يعد يجرأ على طرح فكرة الحوار مع الجانب الامريكي في هذه القضية، لان انتهاك السيادة بهذه الطريق الوقحة خط احمر لا يتجاوزها العراقي الغيور.
من هنا لم يبقى امام ادارة البيت الابيض الا التهديد بعقوبات اقتصادية
وقد كان للحصار أثر كبير في تدمير الشعب العراقي على كافة المستويات وذاق مرارته التي لم تزل في ذاكرته، و جاء التهديد الامريكي لتخويف هذا الشعب الابي بتلك الايام السوداء من الحصار.
وبالفعل اليوم هناك شريحة واسعة في المجتمع العراقي متخوفه من هذا التهديد.
إلا ان عراق 2020 غير عراق 1991 اليوم حكومة منتخبه في حين كانت حكومة صدام دكتاتورية تمارس الحصار على الشعب.
فرض الحصار علي الشعب العراقي في تسعينات القرن الماضي كان بقرار اممي واليوم القرار احادي امريكي.
اليوم هناك دول عظمى مستعدة للتعاون التجاري والاقتصادي والعسكري وعلى كل المستويات مع العراق ومنها روسيا والصين.
هذا ولابد من الاشارة الى دماء الشهداء الابرار الفريق قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس وكوكبة الشهداء من اخوانهم فسيكون لها الاثر الكبير في منح الشعب العراقي المعنوية العالية لمواجهة التحدي الامريكي، وسيثبت للعالم ان سلاح الحصار الاقتصادي مع شعب الحسين عليه السلام هو سلاح الخاسر امام شعب منتصر...والايام القادمة ستثبت لنا هذا الأمر ان شاء الله تعالى.
بقلم: جابر كرعاوي