في نفس الاتجاه اننا نتطلع ـ كما هم ـ الى يوم الخلاص المنتظر الذي تتكلل فيه جميع المساعي الانسانية الخيِّرة بالانتصار على معاقل الباطل والشر كلها في ارجاء البسيطة.
واقع الامر ـ وهو غير خاف على احد ـ ان معظم الانظمة والحكومات الغربية قدّمت بسلوكياتها وسياساتها امثلة سيئة عن المسيحية الحقيقية، فهي سلبية في جميع مواقفها التي ترتبط بمصالحها واطماعها الجشعة، وهي همجية وبربرية في التعامل مع تطلعات الدول والشعوب، وقد جسدت حروبها وغزواتها للمنطقة استكباراً وغطرسة بعيدة كل البعد عن قيم السيد المسيح عليه السلام.
لقد اثبتت الحكومات الاميركية والاوروبية بتحركاتها ومشاريعها المشينة والمريبة انها لم تعد لصيقة بقيم السماء أبداً، وقد انعكس ذلك على معاييرها التي باتت مزدوجة، ووعودها وتعهداتها التي لم تعد تقيم لها وزنا واعتبارا، وهي تتنصل منها بكل بساطة وتفبرك لتنصلها هذه الذرائع السخيفة التي لا تمت باي صلة للواقع.
الدول الاوروبية واميركا من جهة والكيان الصهيوني من جهة اخرى يشكلان معاً اليوم معادلة بغيضة لا يمكن أبداً ان تحمل مبادئ المسيحية الناصعة او اليهودية الحقيقية. فهذا الثنائي برهن على إنه مجرّد تماماً من التعاليم الإلهية الداعية الى السلام والوئام، والمؤكدة على إنسانية الانسان وعلى الصفات والسجايا الحميدة، ومنها الوفاء والصدق والرأفة والتواضع مع بني البشر كافة.
فبصرف النظر عن السياسات العدوانية التي تعتمدها اميركا منذ أكثر من (80 سنة) حيال البلدان والأمم المستضعفة، فإن المواقف الاوروبية لا تقل شيطنة وعدوانية عن مواقف البيت الابيض في واشنطن، فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
من الثابت تناغم نزعات اميركا واوروبا الى الهيمنة والسيطرة واستغلال شعوب الارض، بدليل تخلّيهما معا عن التزاماتهما بشأن الاتفاق النووي بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ومجموعة دول (5+1) في اشارة واضحة الى انهما في خندق واحد حتى وان اختلفت الرؤى وطرق التفكير لديهما.
العالم الغربي هو الآخر يرزخ تحت نير الشعارات البراقة الزائفة في ما يتصل بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الانسان وحرية التعبير والرأي، والدليل على ذلك التستر الرسمي الغربي المدان على جريمة قتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي في اسطنبول والمجازر الفظيعة التي يتعرض لها الشعب اليمني الكريم بدعوى اعادة الامل الى هذا البلد الذي يواجه اعتى حرب عدوانية وحشية في عصرنا الحاضر.
الحكومات الاميركية والاوروبية مرفوضة وملعونة حتى في ابجديات شعوب العالم المسيحي الحرّ المطالب بالعدالة والامن والتضامن بين الامم .وفي اثناء هذا بدأت ترتفع أصوات وعي تحرري جديد في البلدان الغربية ليست راضية ولا مقتنعة اطلاقا بانظمتها التي تتظاهر بالإنتماء الى الديانة المسيحية وهي منها براء.
اننا إذ نهتم باحتفالات العالم المسيحي وأعياده، ونكن كل الاحترام والمودة والتبجيل لاتباع سيدنا عيسى (عليه السلام) الشرفاء في شتى بقاع الأرض، فإننا لا نغامر إذا قلنا بأننا احتفلنا منذ وقت طويل بموت الأنظمة الغربية التي أقرفتنا بمبادئها العلمانية وهي في نفس الوقت تدعي زوراً إيمانها بصاحب ذكرى عيد الميلاد المجيد وهو المحب للسلام والمحبة والتراحم بين خلق الله جميعاً.
حميد حلمي البغدادي