وسعت الحملة الإعلامية هذه المرة من خلال دعايات واسعة ومكثفة لنشر خبر مفبرك تظهر فيه وقوف الجمهورية الإسلامية واللواء قاسم سليماني بمواجهة مقتدي الصدر والمرجعية ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان في العراق.
ويأتي هذا في وقت استعاد فيه العراق هدوءه رغم المحاولات المستمرة منذ عدة اشهر من قبل المحور الغربي- العبري -العربي، من خلال التمهيدات بشأن تسمية رئيس الحكومة الجديد وتشريع قانون الانتخابات الجديد وإجرائه فيما يعلق الشعب العراقي آمالا علي تحقق مشروع الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد من هذا المسار القانوني.
زعمت وسائل الإعلام السعودية اليوم عبر خبر مفبرك يستهدف الجمهورية الإسلامية أن قائد فيلق القدس الإيراني هدد مقتدي صدر زعيم التيار الصدري بالطرد من إيران وحذره من أن حياته ستتعرض للأخطار في العراق كما قال لأبو مهدي المهندس أن مقتدي صدر سيبقي محايدا.
في نظرة فاحصة فإن هذه الأكاذيب تبرهن أن وسائل الإعلام السعودية وبالنظر إلي أهمية السيد الصدر علي الصعيد السياسي العراقي من جهة وكثرة أنصاره من جهة أخري وأخيرا زيارته المتكررة إلى ايران بهدف حضور المحاضرات في قم تسعي لتقويض علاقات التيار الصدري الطيبة مع ايران من جهة، وتدفع أنصار السيد الصدر إلي تبني ردة فعل ضد ايران الإسلامية.
وفي نهاية المطاف فإن ذكر اسم ابومهدي المهندس تماشيا مع ادعاءات نيويورك تايمز قبل ايام باعتباره والسيد الصدر عميلين لايران في العراق تهدف لتشويه صورة السيد صدر وصورة هذا القائد الكبير الذي ابلى بلاء حسنا في مكافحة الاحتلال وداعش. ومن المعروف ان هاتين الشخصيتين معروفتان في العراق بمواقفهما المناهضة لأمريكا والاحتلال.
ويجب ألا ننسي أنه قبل عامين ولدي زيارة رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري للسعودية قامت الأخيرة بحبس رئيس وزراء لبنان القانوني ومنعته من العودة قبل تنفيذ أوامرها في لبنان. مع هذا يبدو أن وسائل الاعلام السعودية من خلال إثارة هذا الاتهام(تهديد السيد الصدر من قبل قائد فيلق القدس) هدفت أيضا إلي تدارك ما اقترفت السعودية من أخطاء في تلك القضية في أذهان الناس.
وإلي جانب الاتهام المذكور سعت وسائل الإعلام السعودية أيضا لتقويض علاقات إيران بالسلطات العراقية أي رئيسي السلطة التنفيذية والتشريعية بالتزامن مع الخبر المفبرك المذكور أعلاه. لهذا فقد جاء في الخبر المذكور بأن ايران توعدت أيضا برهم صالح والحلبوسي. ورغم ان وسائل الإعلام السعودية لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلي نوع التهديد المزعوم لكنها زعمت في تتمة الخبر -ضمن حديثها عن خطابة المرجعية بشأن ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في العراق بغرض خروج البلاد من الأزمة- أن ايران تخالف إجراء الانتخابات في العراق خلافا لما يقول به زعماء السلطتين التنفيذية والتشريعية والمرجعية وأنها تعرقل ذلك.
ورغم أن هذه المزاعم تفتقر إلي أدني منطق ولا نري معه حاجة إلي أي إيضاح لكن من الضروري الالتفات إلى ان تجارب وسائل الاعلام العميلة للسعودية قد أثبتت أنها في تعاطيها مع القضايا إما أن تجد نفسها محكومة بالرقابة والصمت كما اتخذت هذا المسار لدي تعاطيها مع إهانات ترامب المتكررة للملك سلمان أو قضية هجمات اليمنيين علي أرامكو و... وإما أن تلجأ إلي اختلاق الأكاذيب والتزوير والإغراق والغلو كما لجأت بذلك في تطورات ايران والعراق الأخيرة بزعمها إرسال الحشد الشعبي بقواته إلي إيران وإرسال ايران بقواتها إلي العراق لقمع المحتجين و... وهي تغفل تماما عن أن"حبل الكذب قصير" كما يقول العرب أنفسهم أو كما يقول الايرانيون: يجب متابعة الكذاب حتي باب بيته، والقيام بمثل هذا مما لا يتطلب كلفة وإزعاجا.