وضعت وزارة الخزانة الأمريكية أسماء عدة شخصيات عراقية، من بينها "قيس الخزعلي"، و"ليث الخزعلي" (شقيق قيس)، و"حسين فلاح اللامي"، وهم أعضاء بارزون في الحشد الشعبي العراقي في قائمة العقوبات الأمريكية. وفي غضون ذلك، فإن اسم قيس الخزعلي، قائد مجموعة "عصائب أهل الحق"، والتي تعد واحدة من أهم التيارات في الحشد الشعبي، له صدى أكثر من أي اسم آخر. على الرغم من أن حسين فلاح اللامي هو أحد القادة الأمنيين للحشد الشعبي، فإن لأمريكا أهدافاً خفية وراء فرضها لعقوبات على قائد مجموعة عصائب اهل الحق، والتي سيتم مناقشتها لاحقًا في هذا المقال.
لعب واشنطن دور المدافع عن حقوق الإنسان
يمكن الإشارة الى هدف أمريكا الخفي وراء إدراجها بعض الأعضاء الجدد في الحشد الشعبي على قائمة العقوبات بانه محاولات لإضفاء الشرعية على وجود واشنطن في العراق وتبني دور المدافع عن الشعب العراقي. كما رأينا في أعقاب فرض هذه العقوبات، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط "ديفيد شينكر": "إن الولايات المتحدة تدعم سيادة العراق واستقراره وستواصل مشاوراتها الأمنية مع المسؤولين العراقيين" وقال أيضاً "ان أمريكا تساعد الشعب العراقي في توفير ما لم تستطع الحكومة العراقية تحقيقه! وستواصل فرض عقوبات على مسؤولين آخرين".
في الواقع، ان المسؤولين الأمريكيين يسعون إلى استغلال المواقف كما حصل قبل بضعة أيام عندما اقتحم مسلح مجهول المتظاهرين وأطلق النار على الجميع بما في ذلك قوات الأمن، ودفع الرأي العام الى تحميل الحشد الشعبي ملامة ما يحدث. ومن الواضح أن هذه محاولة سخيفة من جانب الولايات المتحدة للتدخل في الشؤون السياسية العراقية واتهام قوة شعبية دون تقديم أي وثائق تثبت صحة ادعاءاتهم. وفي الواقع، تدرك واشنطن جيدًا أن الغالبية العظمى في المجتمع العراقي والرأي العام يعارضون استمرار وجود قواتها العسكرية في العراق، ويسعون الآن إلى إصلاح هيبتهم المفقودة من خلال لعب دور المدافع عن حقوق المحتجين.
والحقيقة هي أن الولايات المتحدة نفسها تدرك جيدًا أن قيس الخزعلي ليس لديه أي استثمارات أو رأس مال خارج العراق وأن هذه العقوبات غير فعالة من الناحية العملية. لذلك، في البداية يمكن اعتبار العقوبات على الخزعلي مجرد مناورة دعائية أمريكية للتأثير على الرأي العام العراقي، وهو أمر من المستبعد أن يكون له أي تأثير أو فعالية على الرأي العام.
لماذا قيس الخزعلي والحشد الشعبي؟
بالإضافة إلى هدف واشنطن الدعائي لاستعادة هيبتها المفقودة في العراق، هناك سؤال مهم آخر هو لماذا في خضم الاحتجاجات الأخيرة استهدف رجال الدولة الأميركية شخصية مثل قيس الخزعلي وحركة مثل الحشد الشعبي؟ من الضروري أن نلاحظ في البداية أنه ومنذ احتلال الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، كان قيس الخزعلي واحد من أهم الشخصيات السياسية التي تعارض استمرار وجود هذه الدولة في العراق. وكان الخزعلي غير موافق على إلقاء سلاحه ضد الاحتلال الأمريكي حتى بعد حل قوات جيش المهدي على يد مقتدى الصدر في عام 2007 بعد سنوات من الكفاح المسلح ضد الولايات المتحدة. وكان قيس الخزعلي بلا شك واحداً من أبرز الشخصيات السياسية في الحشد الشعبي التي كانت حاضرة في القتال ضد داعش بعد عام 2014، وبعد حصوله على ثلاثة عشر مقعدًا في ائتلاف فتح في البرلمان أصبح يعتبر من أعمدة هيكل الحكم العراقي.
بالإضافة إلى ذلك، ان الولايات المتحدة وبصفتها المبدع الرئيسي لداعش في العراق والمنطقة، تعتزم بطريقة ما الانتقام من الحشد الشعبي لدوره الذي لا يمكن إنكاره في تدمير خلافة هذه المجموعة الإرهابية. يعلم المسؤولون الأمريكيون أن قوات الحشد الشعبي مناهضة للغطرسة بطبيعتها، وتعارض وجود الكيان الصهيوني تمثيله لدور الولايات المتحدة في العراق وتدرك قدرة الحشد على التشكل في المستقبل، لذلك فان الولايات المتحدة تعتزم الاستفادة من الوضع الراهن لإضعاف هذه المجموعة على الساحة السياسية العراقية بشتى الوسائل. ويجب ألا ننسى أيضًا ردة فعل الصهاينة بعدما أصبحوا على دراية بالأخبار الصادمة في ديسمبر عام 2017 بان الخزعلي قائد قوات عصائب أهل الحق قام بزيارة لحدود الجولان السورية, أقصى شمال مدينة "المطلة" بالقرب من بوابة فاطمة قرب حدود الجولان المحتل من قبل الصهاينة، لذلك، ونظرًا لأن الشيخ الخزعلي هو أحد أهم الشخصيات الرئيسية في حركة المقاومة العراقية، فقد رأت الولايات المتحدة أن الفرصة الحالية مواتية لحبك مؤامرة ضده وضد مجموعة عصائب أهل الحق.