وفي الرسالة التي تم توزيعها بين أعضاء مجلس الأمن، دعت الدول الأوروبية الثلاث الأمين العام للأمم المتحدة إلى إبلاغ مجلس الأمن في تقريره القادم بأن أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية لا تتفق مع القرار الذي وافق عام 2015 على الاتفاق النووي.
ورحب المسؤولون الصهاينة بهذه الخطوة بعد ساعات فقط من تداول خبر رسالة الدول الأوروبية الثلاث. وفي أول رد فعل صهيوني، ادعى "بيني غانتس"، رئيس تحالف "أزرق - أبيض" المنافس السياسي لنتنياهو، والذي فشل هو ونتنياهو في تشكيل حكومة بسبب نتائج انتخاباتهم القريبة وفشلا ايضاً في تشكيل ائتلاف سياسي معًا. أن خطاب الدول الأوروبية الثلاثة كان خطوة مفيدة وسيجبر ايران على الاستجابة.
بالإضافة إلى ذلك، قدم وزير خارجية الكيان الصهيوني "إسرائيل كاتس"، بعد اتهاماته المعادية لإيران في أعقاب رسالة الدول الأوروبية الثلاث إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ما وصفه بأرشيف انتهاك إيران للاتفاق النووي وقال انه سيقدمه الى منظمة إلى الأمم المتحدة.
رسالة أوروبا المليئة بالتناقضات
زعمت الدول الأوروبية الثلاث في رسالتها الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن ايران قد انتهكت في الواقع من خلال اختبارات صواريخها قرار الأمم المتحدة بشأن الاتفاق النووي الذي وافق عليه مجلس الأمن في عام 2015.
ولقد تم طرح هذا الادعاء المتناقض في حالة انه لم يمنع قرار الأمم المتحدة ايران من اختبارات الصواريخ بتاتاً ولم تتخذ إيران أي إجراء يتعارض مع قرار الأمم المتحدة.
وبناءً عليه، بالنظر الى تصريح مجلس الأمن عام 2015 بقيام الدول الموقعة في الاتفاق النووي بالوفاء بتعهداتها، فإن الولايات المتحدة والأعضاء الأوروبيين هم في الواقع الذين لم يفوا بالتزاماتهم في الاتفاق. بانسحاب أمركا الأحادي الجانب من الاتفاق النووي وفشل الاوروبيين في الامتثال لالتزاماتهم في الاتفاق النووي، وفي الواقع قامت هذه الاطراف بتهميش الاتفاق النووي منذ فترة طويلة وأظهرت نكثها للمواثيق من خلال عدم التزامها بتعهداتها. ففي ظل هذه الظروف، فإن الإجراء الأخير الذي اتخذته الدول الأوروبية الثلاثة حول انتهاك ايران لقرار مجلس الأمن 2015 هو نوع من العمل المتناقض من جانب أوروبا.
حق إيران المشروع في تعزيز قدرتها الدفاعية
ما من شك في أن إيران أحرزت تقدمًا كبيرًا ومهماً في صناعة الصواريخ والدفاع على مدار العقود القليلة الماضية، لذلك فجزء من معارضة الدول الغربية وقلقها بسب تطور صناعة الصواريخ الإيرانية. في الحقيقة، ان الغرب يعارض أي تقدم غير غربي، كما نرى معارضته الشديدة للتنمية الاقتصادية والعسكرية في الصين وروسيا. لذلك، جزء مهم من مواجهة الغرب لتطوير الصواريخ الإيرانية هو طبيعة الاحتكار الغربي الذي لا يقبل التنمية المستقلة عنه.
من ناحية أخرى، فإن تطوير صناعة الصواريخ الإيرانية هو قضية شأن داخلي بالنسبة لطهران، وتطوير صناعة الصواريخ حق مشروع وطبيعي ليس لإيران فحسب، بل لأي دولة تجد انها بحاجة إلى الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية.
كما انه لم تستهدف الصواريخ الإيرانية أي هدف في المنطقة ولا تشكل اي تهديد لدول المنطقة بشكل عام، بل تعتبر كجزء من نظام الدفاع المحلي الإيراني، وفي هذه الظروف يبدو اسقاط الدول الغربية والأوروبية متعلقة بسياساتها العدائية والمناهضة لإيران أكثر من أي شيء آخر.
في الواقع، ان الدول الأوروبية وأمريكا وبينما تدعي وجود تهديدات إقليمية الناجمة عن صناعة الصواريخ الإيرانية، قدمت ايران حتى الآن العديد من المبادرات الأمنية الإقليمية والتحالفات المحلية إلى البلدان المجاورة في المنطقة، بما في ذلك "مبادرة هرمز للسلام" التي أعلنت عنها إيران في مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، لكن الدول العربية في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لم تتبع المقترحات الأمنية لإيران بسبب تبعيتها للسياسات الغربية.
وبالطبع، هنا لا يمكن تجاهل ضغوط اللوبي الصهيوني في أوروبا وأمريكا لتكثيف السياسات العدائية والمعادية لإيران في البلدان الأوروبية والأمريكية، على الرغم من أن الغرب، وحتى بدون اللوبي الصهيوني، يفضل دائماً مواجهة إيران بدلاً من الاتحاد معها.
موقع الوقت