الخبر سلط الضوء مرة اخرى على الجريمة الكبرى التي ارتكبتها امريكا ضد العراق، شعبا وارضا ومستقبلا، وتمثلت بالشذوذات الخلقية المسجلة لدى الأطفال العراقيين المولودين بالقرب من قاعدة طليل الجوية في الناصرية، وهي قاعدة يديرها التحالف العسكري الأجنبي بقيادة الولايات المتحدة.
اما سبب هذه التشوهات الخلقية للاطفال، مثل المشاكل العصبية وأمراض القلب الخلقية والأطراف المشلولة أو المفقودة، فهو وفقا للتقرير الصادر عن فريق الباحثين الطبيين المستقلين، يعود لوجود مستويات مرتفعة من مركب مشع يعرف باسم الثوريوم في أجسامهم.
ان الجريمة الامريكية المتواصلة بحق العراق وشعبه، ليس بجديدة، فهذه الجريمة بدات منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، بعد غزو الدكتاتور صدام حسين الكويت، وتشكيل امريكا لتحالف دولي لطرده منها، حيث استخدمت القوات الامريكي لليورانيوم المنضب، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2003 عام غزو العراق، يعاني العراقيون من تداعيات ومضاعفات هذا النوع من الاسلحة، التي وصلت فيها نسبة اليورانيوم المنضب الى مستويات مرعبة.
علماء البيئة استطاعوا قياس مستويات عالية من اليورانيوم في عينات من التربة من عدة مناطق في العراق، وقد ربطوا تلك القياسات والنتائج التي توصلوا إليها بالزيادة الكبيرة في أعداد المصابين بأمراض السرطان المسجلة في السجلات الوطنية للسرطان في العراق.
ان امريكا خرقت اتفاقية حظر الاستعمال العسكري لتقنيات تؤدي لتغيير في البيئة، عندما استخدامت اليورانيوم المنضب في العراق، كما قامت بتخزينه، بعد ان كشف موقع "فورين بوليسي جورنال"، عن إنشاء الجيش الأمريكي، بعد عام 2003، ما يزيد عن 500 قاعدة عسكرية تمركز معظمها بالقرب من مدن عراقية عانت من آثار قنابل وطلقات وأسلحة كيماوية وسواها، فضلاً عن دمار بيئي سببه حفر إحراق مفتوحة، ودبابات وشاحنات مهجورة، وتخزين أسلحة يحوي بعضها يورانيوم منضبا.
دراسات حديثة كشفت عن صور لأطفال مصابين بعيوب خلقية، ولدوا لآباء وأمهات عاشوا في الناصرية. وتشمل تلك العيوب الخلقية تشوهات في الدماغ، والأطراف السفلية، وعدم اكتمال الفقرات القطنية، والشفة المشقوقة،كما كشفت هذه الدراسات عن جود علاقة تناسب عكسي بين بعد المسافة عن القاعدة الجوية في المدينة، وخطر الإصابة بتشوهات خلقية، فضلاً عن مستويات في نسب الثوريوم واليورانيوم وجدت في شعر سكان المنطقة.
كما وجدت علاقة إيجابية بين وجود الثوريوم واليورانيوم والتشوهات الخلقية. ويعتبر الثوريوم من نواتج اليورانيوم المخصب، ومركبا مشعا.
تتفق جميع الدراسات التي جرت حول الجريمة التي ارتكبتها امريكا ضد العراق، على أن الحربين الدوليتين بقيادة الولايات المتحدة على العراق عامي 1991 و2003، واللتين استخدمت فيهما واشنطن قذائف اليورانيوم المنضب، قد خلفتا تركة صحية كارثية على المجتمع العراقي من جهة تضاعف الإصابة بأمراض السرطان لأكثر من ألفي ضعف، إضافة إلى التشوهات الخلقية الكبيرة التي تصيب المواليد الجدد.
الملفت ان هذه الجريمة الكبرى التي ارتكبتها امريكا منذ عام 1991 ومازالت ترتكبها حتى اليوم (2019) ، في العراق، يمر منها العالم مرور الكرام، رغم تداعياتها الكارثية المستمرة، فلا العراق تقدم بشكوى للامم المتحدة والمحكمة الدولية ضد امريكا لتتحمل مسؤوليتها وتعوض العراقيين عما اقترفته ضدهم، ولا الامم المتحدة عملت على التقليل من مضاعفات هذه التداعيات عبر الضغط على امريكا لاخراج قواتها واسلحتها من العراق، او العمل على مساعدة العراقيين عبر المنظمات الدولية العاملة في مجال الطب والعلاج والدواء للتقليل من حجم الالام التي يعانون منها، بعد ان استخدمت امريكا كميات مفرطة من ذخائر اليورانيوم تقدر بأكثر من 2200 طن متري من اليورانيوم المنضب، وهو ما يساوي 250 قنبلة ذرية، وفقاً لدراسة أعدها البروفيسور الياباني ياغازاكي، الذي يعمل في الهيئة العلمية في جامعة “ريوكيوس” في اليابان.
فيروز بغدادي