فالاول يصنع انسانا يتعامل مع الحياة تعاملا مسؤولا لعلمه بانه يعيش ضمن منظمومة الهية تخضع لنظام دقيق وتقود الى التكامل المعنوي والمادي وهو مبدء الوصي الشهيد وابناءه الائمة الشهداء من بعده.
واما الثاني، فهو معول للاحباط وسبب للانحطاط يخل بالنظام العام للانسان ويصنع منه آلة بسيطة خارجة عن ادارة العقل، يحكمها الهوى وتحكمها الشهوات وتهوي بها الشبهات الى مكان سحيق، تنتهي به الى عالم مجهول لايملك امامه حولا ولا قوة.
ضرورى ان يعلم المرء نفسه ومن اين اتى والى اين راحل، ثلاث مفردات منطقية لا ينفصل بعضها عن الاخرى، لا يعلم تأويلها الا باب علم النبي،
ان قام المرء باتباع عقله ودينه طبقا لنظرية شكر المنعم واجب وعبادته حق، فقد خضع لنظام طبيعي يملي ما يدر عليه بالفائدة ويصنع المعروف لنفسه والاخرين، وان امتنع... فذلك الذي نزع شكر المعروف من عقله وخطف الاحسان من لبه وتنكر لانسانيته فاصبح كالبهيمة همه علفه، لا يفكر الا بنفسه ولا يستشعر مسؤوليته تجاه ربه ووطنه ومجتمعه،
قد تعطلت لديه مقومات الحياة التى يريدها له خالقه تعالى وانطفئت عنده مشاعل الخير وان كان يتظاهر بها تتوقف جمعيها متى ماضربت مصالحه، مثله كمثل الذي يعبد الله على حرف إن أصابه خير اطمئن به وإن أصابته فتنة أنقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين.
إذن الانسان مبدئي الوجود ووجودي المبدء قبل أن يكون مخلوقا عبثيا يفتقر الى علة وجوده، فأن أدرك هذه الحقيقة وتفاعل مع مفرداتها تعاملا مسؤولا وطبق جزئياتها في قوله وعمله بارادته واختياره ونيته وأدائه فأن الله تعالى يفتح له آفاق المستقبل ويهديه الى سبيل الحق وطريق الرشاد ويأخذ بيديه الى سلم الرقي والتكامل المادي والمعنوي.
ما نشئت عليه المدارس الوهابية على سبيل المثال لم ينهل منهجها من معين سلسبيل نقي طاهر، بل استق نظرياته وأسس مدارسه الفكرية من عقدة ناصبية ورثها خلف عن سلف تجذر في داخلها الحقد والبغض لال البيت النبوي المتمثل بعلي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء الذين خصهم الرسول بأنهم آله والثقل الاصغر بعد كتاب الله تعالى.
وان اتباع غيرهم باي حجة كانت لا يؤدي الا الى المزيد من التيه، المزيد من الضلال، ولهذا لا نستغرب أبدا من العناصر المجرمة المترسمة في ارتكاب الجرائم بحق كل من تبع الحق وثبت عليه ودافع عنه قبل أن تعلن الحرب الضروس وتوغل في القتل والاجرام بحق الاحرار من اتباع أهل البيت الكرام،
كونها تفتقد الى أيديولوجية وآلية للتعامل مع الحياة والانسان، فكانت مصداقا لقول الله تبارك وتعالى: "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ * وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".
طارق الخزاعي