بعد أن كانت كل الأطراف تتحدث عن حربها على داعش، باتت ذات الأطراف تلقي مسؤولية التنظيم المتطرف على الآخر ولو بشكل غير مباشر.
لم تتوقف الولايات المتحدة حتى كتابة هذه السطور عن حديثها حول قتال داعش وهزيمته شرق سوريا وفي العراق، فيما لا تزال تركيا متمسكة بتحذيراتها من التنظيم، ولا توفر مناسبة للحديث عن قتالها هي الأخرى لداعش أيضاً.
بدأت عملية ما تُسمى بـ "نبع السلام" التركية ضد مقاتلي "قسد" شرق الفرات، امتعضت واشنطن، ثم أعلنت انسحابها في تلك الفترة، حذر الجميع من إطلاق سراح سجناء داعش، ثم عاد الأمريكيون ليعلنوا بقائهم في الشرق السوري من أجل السيطرة على النفط هناك، وبعدها بفترة وجيزة تم الإعلان عن تصفية أبي بكر البغدادي من قبل واشنطن، اما أنقرة فقد أعلنت بأنها ستعمد إلى ترحيل مقاتلي داعش الأوروبيين إلى بلدانهم.
ضمن هذا المشهد صرح مسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية بأن آلاف الدواعش المحتجزين في شمال شرقي سوريا يمثلون خطراً أمنياً كبيراً، واصفاً إياهم بـالقنبلة الموقوتة ويبلغون ما يقارب الـ 10 آلاف جزء كبير منهم أجانب.
تبع ذلك الموقف بيان عن الخارجية الأمريكية أعلنت فيه أنها تنوي الاجتماع بوزراء دول التحالف الدولي ضد التنظيم، ومناقشة إجراءات روسيا وسوريا شمال شرق سوريا، وسيضم الاجتماع كلاً من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا بالإضافة للسعودية والأردن ومصر.
من ينظر للمشاركين في ذلك الاجتماع المزمع سيرى أن القاسم المشترك بينها هو العداء أو الخصومة مع تركيا، مثل السعودية ومصر عربياً وفرنسا وألمانيا أوروبياً، فهل من الممكن أن يكون الاجتماع مخصصاً لمواجهة الابتزاز التركي لأوروبا بورقة معتقلي داعش واللاجئين؟
يقول مصدر صحفي مطلع بأن واشنطن تريد فرك أذن أنقرة ومنعها من الاستفادة من ورقة داعش سياسياً، وهو ما يفسر عملية تصفية البغدادي من قبل واشنطن كونها تمهيد للقول بأن الولايات المتحدة هي من نقاتل داعش لا تركيا وأنها لن تسمح بتحول هذا التنظيم المتواجد في سوريا والعراق على ورقة عابرة للحدود الأوروبية لتحول تركيا إلى لاعب دولي قوي وفق قوله.
فيما يقول احد المراقبين بأن واشنطن تريد تعزيز حلفها الدولي ضد داعش، متوقعاً أن تتعرض تركيا لضغط سياسي أمريكي وأوروبي في المرحلة القادمة، وأن تكون أولى الخطوات الأمريكية إعادة الحماية لقوات "قسد" وهذا ما تؤكده التصريحات الأمريكية الأخيرة من السماح لتلك الميليشيا الكردية بالسيطرة على النفط، والأكراد لن يستطيعوا فعل ذلك وهم عرضة لخطر اجتياح تركي.
وفي ذات الوقت لن تتقبل واشنطن عودة مناطق قسد لسلطة الحكومة السورية، ما يعني عودة جميع النفط إلى كنف الدولة، إذاً فإن المشهد القادم كما قلت سيكون حماية أمريكية جديدة لـ "قسد" ضد الأتراك، وتحرك أمريكي ـ أوروبي ضد أنقرة أيضاً يتضمن ذلك فرض عقوبات أكثر عليها.