الموطن الأصلي للزعفران ومنذ حكم الميديين كان سفوح جبال ألوند بمحافظة همدان غرب ايران وضواحيها. وكما يقال ان الايرانيين كانوا أول من عرفوا هذا النبات القيم وأخذوا يزرعونه.
كان الزعفران يزرع منذ سالف العصور في مناطق مختلفة من ايران مثل قم واصفهان وفارس وجنوب محافظة خراسان. واللافت ان زراعة الزعفران في جنوب خراسان يعود تاريخها الى ما قبل 700 سنة؛ وفي الوقت الراهن تحتل هذه المنطقة المرتبة الأولى عالمياً في زراعة هذا النبات.
في العهد الإخميني، كان هناك اهتمام واسع بالزراعة والبستنة. ويذكر التاريخ ان الملك داريوش كان يعتني شخصياً بزراعة الأعشاب والنباتات وتربيتها.
هذا ووجد الزعفران سبيلاً له في علمي الكيمياء والصيدلة اللذين ازدهرا كثيراً في العصور المنصرمة، حيث كان الأطباء والكيميائيون ينتجون معجوناً قوياً خاصاً لإزالة التعب والإرهاق من الوجهاء وكبار القوم؛ وهذا المعجون خلاصة من الزعفران والهيل (الجهان) والدارسين. وكانوا يستفيدون من الزعفران أيضاً في اعداد فطير خاص لرجال البلاط.
الزعفران هو مادة غذائية ذات قيمة عالية تستخرج بصعوبة وبكمية قليلة من نبات الزعفران. في الحقيقة يمكن القول إن ما يقرب من مئة الف الى مئتي الف نبات الزعفران، ينتج نحو 5 كيلوغرامات من زهرة الزعفران، فيما تزن خمسة كيلوغرامات من زهرة الزعفران الطازج بعد تجفيفها، كيلوغراماً واحداً.
يكسب الزعفران الطعام نكهة طيبة ولوناً زاهياً ولاستعماله فوائد طبية مهمة؛ منها التقليل من نسبة الدهون والكولسترول في الدم، والتقليل من ضغط الدم، والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، والتشنج، ناهيك عن أن الزعفران يقوي الذاكرة ويهدئ الاعصاب كما أنه مادة مشهية. هذا وللزعفران فائدة طبية أخرى وهي امتلاكه لمكون يتصدى للخلايا والغدد السرطانية، كما يوصى باستعماله للوقاية من الكآبة.
وجدير بالذكر ان الزعفران وجد سبيلاً له كذلك في السجادات الحريرية الايرانية التي حاكها جهابذة حياكة السجاد الايراني في مختلف العصور السالفة وذاع صيتها في شتى بقاع المعمورة ونالت شهرة عالمية، حيث استخدم الفنانون الايرانيون لون الزعفران باعتباره لوناً طبيعياً ذا ثبات في حياكة السجاد الى جانب ألوان طبيعية أخرى.
كما كان الزعفران يعتمد عليه الخطاطون كمبحرة قيمة قوية في كتابة وتحرير المخطوطات. وكان بعض الملوك والسلاطين ممن يعتقدون باليمن والبركة التي يحظى بها الزعفران، يصدرون المراسم الملكية والقوانين والقرارات المهمة مكتوبة بالزعفران.
هذا وكان اعتقاد شعبي مترسخ في أذهان عدد كبير من الناس فيما يخص الاستفادة من الزعفران في كتابة الأدعية والابتهالات على الجلود والأقمشة المختلفة، فضلاً عن ان الزعفران وجد في السنين القليلة الماضية سبيلاً جديداً له في فنون الرسم وصنع التماثيل وباقي الفنون بوصفه مادة فنية قيمة.