إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تقبّلوا منّا تحيّاتنا الخالصة في هذا اللقاء الذي يتجدّد معكم عند محطّة أخري من محطّات برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهر سنتوقّف عندها لنسلّط الأضواء علي مكانة المرأة في الإسلام والدور الذي رسمه لها في جميع مجالات الحياة آملين أن تقضوا معنا دقائق حافلة بكل ماهو نافع وممتع ، ندعوكم للمتابعة ...
مستمعينا الأفاضل !
استعرضنا علي مرّ الحلقات السابقة من البرنامج الفيمينيةَ ووجهات نظر المفكّرين والباحثين بشأنها ، وسلّطنا الضوء علي التبعات السلبيّة والهدّامة لهذه الحركة علي المجتمعات الغربيّة . ثم تناولنا بعد ذلك وجهة نظر الشريعة الإسلاميّة فيما يتعلّق بموضوع المرأة ودورها ومكانتها الفردية والاجتماعيّة . وقد أبرزنا في الحلقة الماضية مكانة المرأة المرموقة في الإسلام وذكرنا أن الصورة التي يقدّمها الإسلام عن المرأة ، هي صورة إنسان كامل تضاهي المظهر الآخر للإنسانيّة أي الرجال في جميع الأبعاد الإنسانيّة .
وحسب الرؤية الإسلاميّة فإنّ المرأة تتمتّع كالرجل بالقدرة علي التعقّل والتفكير و القيام بالأعمال الصالحة . ومن جملة القيم التي تتجاوز الجنس ولاتقتصر علي جنس معيّن ، العبادةُ والعبوديّة لله ، واكتساب العلم والمعرفة وبلوغ المراتب المعنويّة والروحية السامية في جميع المجالات الاجتماعية والعلمية والثقافية والسياسيّة . وسوف نتناول في هذه الحلقة من البرنامج كاستنتاج ممّا ذكرناه حتّي الآن ، وجهةَ نظر الإسلام بشأن مكانة المرأة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعيّة والسياسيّة .
مستمعينا الأكارم !
كما ذكرنا سابقاً فإن المرأة لا تمثّل في الإسلام كائناً ضعيفاً و تابعاً . فلقد أنقذ الإسلام المرأة من الحالة التي كانت عليها في الجاهليّة و منح هذا الدين السماوي شخصيّة مستقلّة للمرأة وهو لا يهمّش دور النساء في ساحة الحياة الاجتماعيّة فحسب بل إنه يُدخلهنّ الساحة الاجتماعيّة و يبوّؤهنّ في المجتمع مكانةً إنسانيّة رفيعة .
ولقد منح الإسلام المرأة القدرة في حين أنها لم تكن كذلك قبل عهد النبيّ (ص) ولم يكن المجتمع الجاهلي يقيم لها وزناً . والإسلام يضفي الاحترام للمرأة ويعتبرها إنساناً كاملاً يسهم في بناء العقيدة وتربية الأجيال . ودور المرأة لايقتصر في الشريعة الإسلاميّة علي إدارة الأسرة بل إن نطاق شخصيّتها يمتدّ ليشمل ساحة أشمل من ذلك . ويري مؤسس الثورة الإسلاميّة ، الإمام الراحل (رض) أن للمرأة مكانة رفيعة ويعتبرها مربّية المجتمع و صانعة الأشخاص العظام .
والإسلام يخوّل للمرأة أن تختار لنفسها عملاً مشروعاً وحياة طاهرة ونزيهة . فعمل المرأة في الإسلام له قيمة ويحظي باحترام المجتمع . ويذكّر الله تعالي في القرآن المريم بأنّ النساء والرجال مسؤولون عن أعمالهم و لايزر أحد وزر الآخر في هذا المجال . ومن جهة أخري فإنّ المرأة لها الحق كالرجل في أن تتصرّف بالثروة التي جمعتها بجهودها .
وللمرأة الحق في أن تزاول النشاطات الاجتماعيّة والاقتصاديّة وأن توفّر من دخلها ومواردها الماليّة أو أن تنفقها في الطرق المشروعة . يقول – عزّ من قائل – في الآية ۳۲ من سورة النساء :
" لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ .
وهذه الآية تدلّ دلالة واضحة علي أن النساء يتمتّعن بالاستقلال المالي . وبناء علي ذلك فإنّ المرأة تتمتّع كالرجل بحق العمل والتجارة . كما أن المرأة لها الحق في أن يكون لها نصيب من الثروة التي يتركها أقاربها مثل الوالدين و الأخ والأخت والزوج . جدير ذكره أن الغرب الذي يدّعي رعاية حقوق المرأة ، لم يكن يسمح للنساء حتي أواسط القرن الماضي في أن يتصرّفن بثروتهنّ وأموالهنّ الشخصيّة دون إذن أزواجهنّ وآبائهنّ ، خلافاً للإسلام الذي منح المرأة منذ ظهوره الحقّ في مزاولة النشاطات الاقتصاديّة والملكيّة .
مستمعينا الأعزّة !
وبإمكان المرأة تحت ظلّ النظام الإسلامي أن تشارك الرجال بشكل فاعل في بناء المجتمع باعتبارها إنساناً . وبإمكانها أن تتولّي بعض المسؤوليّات من خلال مشاركتها في بناء الحكومة الإسلاميّة وأن تبذل جهدها في هذا المجال .
وإذا ما نظرنا إلي دور سيّدتنا فاطمة الزهراء (ع) في الدفاع عن الولاية ودور السيّدة زينب (ع) في ثورة عاشوراء ، نري أن السيّدة الزهراء(ع) أدّت دورها كأحسن ما يكون الأداء في الدفاع عن الولاية والإمامة وأن العقيلة زينب (ع) فضحت في خطبتها بعد نهضة كربلاء يزيد و أعماله . والبطولات التي أبدتها السيّدة زينب (ع) كانت وماتزال منقطعة النظير لا في تاريخ الإسلام وحسب بل وفي تاريخ البشريّة جمعاء حيث لا نجد مثل هذا النموذج في تاريخ أي أمّة أخري .
لقد بوّأ الإسلام المرأة مكانة ومنزلة سامقة وأولاها احتراماً و قيمة من نوع خاص منذ بدء تكوين الأسرة بل وما قبلها . فالإسلام يري أنّ دور المرأة في غاية الأهميّة وأساسي في تربية الأولاد . وللإمام الراحل (رض) تعبير جميل فيما يتعلّق النساء مستلهَم من وجهة نظر الإسلام حيث يقول :
"من أحضان المرأة يرتقي الرجلُ معارجَ الكمال .
ولذلك فإن الأولاد النزيهين و المتخلّقين بمكارم الأخلاق و الواعين الذين يشعرون بالمسؤولية يدخلون خضمّ الحياة الاجتماعيّة في ظل حنان الأمّهات وكذلك يتخرّج الرجال الناشطون والمقاومون أمام المصاعب والمشاكل في ظلّ زوجة حنون ومخلصة ومضحّية و ذات نظرة إيجابيّة إلي الحياة . وتدل مقولة الإمام التي يؤكّد فيها علي وجوب أن تتدخّل النساء في مقدّرات البلاد ، علي أفكار الإمام السامية بشأن مكانة المرأة في المجتمع و هو أمر ضروري من أجل المحافظة علي الثورة واستمرارها وترسيخها .
مستمعينا الأطايب !
حديثنا حول مكانة المرأة في الإسلام وما لها وما عليها من أدوار في المجتمع ، سيتواصل في حلقتنا القادمة بإذن الله والتي ستكون المحطّة الأخيرة من برنامج الفيمينيّة تحت المجهر وعلي أمل أن نلتقيكم عند برامج أخري ، كونوا في انتظارنا ، وفي أمان الله .