إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
يسرّنا أن نعاود اللقاء بكم في هذه المحطّة الأخري من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهـــر آملين أن تمضوا معنا دقائق ممتعة ونافعة في حلقتنا هذه التي سنواصل فيها استعراض النظرة الفيمينيّة إلي الرجل ودوره في الأسرة ومقارنتها مع النظرة الإسلاميّة ، كونوا برفقتنا ...
مستمعينا الأعزّة !
ذكرنا في الحلقة السابقة مقتطفات من أقوال العالم النفسي الأمريكي ليونارد ساكس في معرض استعراضه للتبعات السلبية التي تركتها الفيمينية بسبب نوع نظرتها إلي الرجل ودوره في البيت ، حيث يضيف في هذا المجال قائلاً :
هنالك شواهد متزايدة تدلّ علي غفلة مجتمعنا عن الرجولة ، الأمر الذي أدّي إلي ظهور رجال كسالي يفتقرون إلي الخلّاقيّة وزمام المبادرة أو أدّي إلي ظهور ظالمين يتجرّؤون علي الضعفاء.
ويشير هذا العالم النفسي الأمريكي إلي أن الأفلام الغربية الحالية تقلّل من دور الأب بشكل ملموس وبارز و تقدّم الأب علي أنّه شخص أبله و لايحسن تدبير أموره . كما يري أنّ دور الأب ومكانته في الأسرة الأمريكيّة هبطا بشكل صارخ خلال العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة .
ويغفل الفيمينيون أن من أهم مسؤوليّات الرجال رعاية النساء . ومن البديهي أنّ المرأة هي التي تعدّ الخاسر الرئيس في تقبّل المشاكل وتحمّلها في حالة إضعاف دور الرجل ، وسوف تبتلي بالمشاكل الروحيّة والجسميّة . يقول - تعالي - في الآية الرابعة والثلاثين من سورة النساء :
" الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَي النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ.
فلقد ورد التأكيد في هذه الآية علي رعاية الرجال للنساء ووجوب إعالتهم لهنّ .
مستمعينا الأكارم !
ولعلّ البعض يتساءل هنا عن سبب وجوب أن يكون الرجل قوّاماً علي المرأة . وللإجابة علي هذا السؤال علينا أن نتساءل بدورنا هل إدارة الرجل وقيموميّته تنسجم مع فطرة الرجل والمرأة أم تتنافي معها ؟ من البديهي أنّ الأسرة بحاجة إلي مدير كأيّ مجموعة أخري بحيث يتّخذ القرار النهائي ويطيعه الآخرون . وبالطبع فإنّ هناك فيما يتعلّق بالأسرة ثلاثة أشكال من الإدارة يمكن تصوّرها : فإمّا أن يمارس كلّ من الرجل والمرأة الإدارة علي حدّ سواء ، أو أن تكون المرأة هي المديرة أو يتولّي الرجل هذه المسؤوليّة .
ومن المعلوم أنّ النوع الأول من الإدارة لايمكن تحقّقه ، لأن الإدارة المشتركة تخلو في الحقيقة من الإدارة والرئاسة وتستتبع المشاكل الناجمة عن فقدان المدير ومتّخذ القرار و هذه القضيّة ستنتهي بانحلال الأسرة .
وفيما يتعلّق بالحالة الثانية وهي أن تتولّي المرأة الإدارة ، فإن ذلك يتنافي مع فطرة المرأة . تقول السيّدة مارابل مورغان عالمة النفس والمستشارة في الشؤون الأسريّة الغربيّة ، حول رئاسة الرجل ومرؤوسيّة المرأة :
رغم أن الرجل والمرأة متماثلان من حيث الأوضاع ، ولكنهما يختلفان من حيث الواجب والدور . ولقد قرّر الله أن يكون الرجل الرئيس وزوجته المساعد له والنائب عنه . ولكل مؤسسة رئيس واحد والأسرة ليست مستثناة من هذه القاعدة . وما من سبيل لتغيير هذا النظام . وقد سعت الأسر في بعض الأوقات لأن تقلب هذا النظام فاختارت المرأة كربّ للأسرة وحينما يترسّخ النظام الجديد ينقلب نظام الأسرة ، وسرعان ما يتلاشي هذا النظام الجديد . وعندما تُتيح المرأة لزوجها أن يكون ربّ الأسرة ، فإنها تكون بذلك قد فعلت الصواب .
مستمعينا الأحبّة !
إن الفيمينيين حينما يوحون إلي النساء أنّ الإذعان لرئاسة الرجل إنّما هو عبوديّة أو اعتراف بنظام سيادة الذكورة ، فإنه يضعون بذلك النساء في مواجهة أزواجهنّ من أجل استرداد حقوقهنّ وهو ما يؤدّي بشكل عام إلي انهيار نظام الأسرة المقدّس . تقول السيّدة مورغان في معرض إزالة هذه الشبهة :
إنّ الحياة الزوجيّة تشبه النظام الملكيّ حيث يكون الزوج ملكاً والمرأة ملكة . وقرار الملك هو القرار النهائي في الزواج الملكي لكلّ من الملكة والبلد . ولا شك في أن الملكة ليست عبداً للملك ، لأنها تعلم أين تكمن قوّتها ، فهي الملكة . كما أنّ بإمكانها أن تجلس علي العرش ، ولها حقوق وبإمكانها في الحقيقة أن تعبّر عن جميع مشاعرها ، ورغم أنّ الملك قد يستلهم أحكامه من قدرة الملكة علي الحكم،ولكنّه هو الذي يتخذ القرار النهائي في حالة الاختلاف في الرأي .
يقول نبيّ الإسلام (ص) : " الرجل سيّد أهله ، والمرأة سيّدة بيتها .
فهو (ص) يعتبر الرجل المسؤول عن أعضاء الأسرة ، فيما أوكل للمرأة التي تتمتع بقدرات خاصة بها مسؤوليّة شؤون البيت الداخليّة . وهذا التقسيم يأخذ بنظر الاعتبار فطرة المرأة وقدراتها . وهذه الإدارة لا تعني أن المرأة ليس لها الحق في أن تبدي أيّ وجهة نظر بل إن مدير البيت يجب أن يستفيد من آراء مرؤوسيه كأي مؤسسة أو منظّمة أخري و أن يستشيرهم في الحالات المتعلّقة بأفراد الأسرة ، وبالطبع فإنّ المدير هو الذي يتّخذ القرار النهائي في نهاية الحوار ، وعليه أن يراعي في هذا القرار مصلحة الجميع وحقوقهم و هو مسؤول أمام الخالق إن هو أضاع حقاً من حقوقهم .
مستمعينا الأطايب !
ومن واجبات الرجل الأخري من وجهة نظر الإسلام ، دورُ الأبوّة المهم في تربية الأولاد والإشراف علي أمورهم ، في حين أنّ المذهب الفيميني يتجاهل حسب وجهة نظره إحدي أهم مسؤوليّات الرجل وهي ممارسته لدور الأب وتولّي مسؤوليّة تربية الأولاد .
ومن البديهي أنّ دور الأب في الأسرة يمثّل مسؤوليّة خطيرة ويستلزم النجاحَ فيها ، التضحيةُ والأخلاق والإيمان . وللأب دور مؤثّر في خلق الشعور بالثقة لدي الأسرة . ويتوجّب عليه أن يحرص علي تربية الأولاد وتوفير الأمن لهم وأن يهيّء الأرضيّة لنموّهم وتكاملهم . ومن خلال أداء مثل هذا الدور ، يصبح الأب من وجهة نظر الطفل رمزاً للقانون و العدل والإنصاف ، ويمكن أن يكون ملاذاً آمناً للأسرة . و منهج الأب هو المحبّة والعدل ، وقدرة الأب من شأنها أن تؤثّر في سلوك الطفل ومستقبله .
وفي نفس الوقت الذي يرتبط فيه الطفل ارتباطاً وثيقاً بالأم منذ ولادته ، فإنه ومع تقدّمه في العمر يبدأ بإقامة علاقة أكثر متانة مع الأب بشكل تدريجي وفي الحقيقة فإن الأب يدخل حياة الطفل وتصوّره وذهنه . ولذلك يدرك الطفل أن الأب هو الملاذ ورمز التدبير والقائد والمقنّن . ويعتبره الوجه البارز في الأسرة و يعمل علي التشبّه به . ويري علماء النفس أنّ الأطفال وخاصة الذكور يتخذون من الأب قدوة لهم في خلال السنوات الثلاث وحتي الستّ الأولي من أعمارهم . فالأب هو رمز القوّة من وجهة نظر الطفل و الضامن للأسرة وكلّ أمنيات الطفل تتلخّص في أن يكون مثل الأب .
مستمعينا الأفاضل !
حديثنا حول الأب ودوره في الأسرة ستكون له تتمّة في حلقتنا للأسبوع المقبل من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهـــر ، كونوا في انتظارنا ، وإلي الملتقي .