أعزّتنا المستمعين !
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ، ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم الفيمينية تحت المجهر والتي سنتناول فيها موضوع إجهاض الجنين والاختلاف في هذا الشأن بين النظرتين الإسلاميّة والفيمينيّة ، حيث أشرنا في الحلقة الماضية إلي إحدي نتائج المعتقدات الفيمينية وهي انتشار ظاهرة إسقاط الجنين في المجتمعات الغربيّة . .ذكرنا أن الفيمينيين المتطرّفين يقترحون أسلوب إجهاض الجنين من أجل مايسمّونه بإنقاذ النساء من عبء مسؤولية تربية الأطفال و تحقيق الاستقلال الفردي . بمعني أن كل امرأة بإمكانها متي شاءت القضاء علي جنينها و إنقاذ نفسها من قيوده ، غافلين عن مدي الآثار والتبعات السلبيّة التي ستتركها هذه الظاهرة القبيحة والوحشية علي النساء . وسنشير في هذه الحلقة إلي بعض من تبعات إسقاط الجنين ووجهة نظر الإسلام في هذا المجال ، ندعوكم لمتابعتنا ...
أحبّتنا المستمعين !
تترك ظاهرة إجهاض الجنين الكثير من التبعات والأعراض الفرديّة والاجتماعية علي النساء . ومن بين هذه الأعراض ، الأمراض الجسميّة . فالإحصائيات الوطنية في أمريكا فيما يتعلّق بإجهاض الجنين تشير إلي أن ۱۰% من النساء اللواتي يقدمن علي إجهاض أجنتهنّ بشكل إرادي يعانين من عوارضه وخُمس هذه الأعراض أي ۲۰ بالمائة أكثر بروزاً من العوارض الأخري. وقد تمّ تحديد أكثر من مائة عارض جزئي وكلّي فيما يتعلق بإسقاط الجنين الإرادي . ولعلّ بعضاً من الأعراض الآنية لإسقاط الجنين قابلة للعلاج ولكن الأعراض الرئيسة تؤدّي في الغالب إلي مخاطر بعيدة المدي . وقد أظهرت الدراسات أن ۳ - ٥ بالمائة من النساء اللواتي عمدن إلي إسقاط أجنتهنّ ، يصبن بالعقم بسبب الإهمال .
وتدلّ الكثير من الدراسات العلمية علي أن النساء اللائي مررن بتجربة إجهاض الجنين يتعرضن في الغالب للموت الناجم عن سرطان الثدي . وبالطبع فإن الباحثين يعتبرون عوامل مثل البيئة والنظام الغذائي والعمر وغيرها من العوامل مؤثرة في الإصابة بمرض السرطان . ومع ذلك فإن انتشار هذا المرض مايزال لغزاً ، ولكن ماذا سيحدث إن بقي هذا الموضوع لغزاً لبعض الأسباب السياسيّة ومن قبل المنتفعين منه ؟
واستناداً إلي بحوث مؤسسة السرطان الوطنية في الثاني من تشرين الثاني ۱۹۹٤، فقد تم الإعلان فيما يتعلّق بخطر سرطان الثدي بين النساء الشابّات أن النساء اللواتي يلجأن إلي عمليات إسقاط الجنين يتعرضن لسرطان الثدي بنسبة ٥۰% أكثر من النساء الأخريات . ومن جهة أخري ، فإنّ إجهاض الجنين يقترن فضلاً عن ذلك مع الإختلالات والاضطرابات النفسيّة . وتُظهر اكتشافات دراسة ميدانيّة أجريت خلال الأسابيع الأولي من إسقاط الجنين أن ٤۰ - ٦۰ % من النساء اللائي طرح عليهن السؤال أبدين ردود فعل سلبية إزاء ظاهرة إجهاض الجنين . ومن جملة ردود الفعل هذه التي تمّ الإيعاز بعلاجها نفسياً ، الشعورُ بالذنب و الاضطرابات ذات العلاقة بالنوم و ضعف القدرة علي اتخاذ القرارات .
أعزّتنا المستمعين !
أنتم معنا في برنامج الفيمينية تحت المجهر وحلقة هذا الأسبوع المخصّصة لاستعراض تبعات ظاهرة انتشار عمليّات إجهاض الجنين في المجتمعات الغربيّة ، حيث تشير الدراسات العديدة إلي أن الأزمات التي استتبعت اللجوء إلي إسقاط الجنين ، تتسارع و تتفاقم في الغالب في العام القادم أو في وقت مبكّر أكثر .
وتفيد دراسة أجريت بعد استشارات تمّت بعد عملية لإجهاض الجنين بأن مائة نوع من ردود الفعل السلبيّة الرئيسة قد تم تسجيلها . وأكثر هذه الردود شيوعاً هي : الكآبة وعدم الثقة بالنفس والاضطرابات في النوم وفقدان الذاكرة والقضايا المزمنة فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والاضطراب و الشعور بالذنب والندم والحزن والميل إلي العنف والبكاء والعويل المزمنان ومشكلة عدم التركيز وانعدام التعلق بالأفراد والنشاطات السابقة و مواجهة المشاكل فيما يتعلق بالأطفال اللاحقين .
وعلي الرغم ممّا ذكرناه ، فإن إسقاط الجنين يعدّ جريمة في الدين الإسلامي وليس من حق أي شخص أن بعمد إلي إجهاض الجنين دون سبب و مبرّر طبّي . فالإسلام يقدّس حق الإنسان في الحياة . وحق الحياة هو من جملة الحقوق الذاتية للإنسان ويبدو أن هذا الموضوع لايعتريه الشك في أي من المذاهب القانونية إلّا في المذهب الفاشيستي الذي يري أن كمال الإنسان يكمن في الحروب والتناقضات ويعتبر فرض الإرادة علي الآخرين واستغلالهم من الحقوق الطبيعية للأفراد أو المجاميع القوية . وبالطبع فإن ممّا لايمكن إنكاره أن الغربيين الذين يطغي الطابع المادي علي تفكيرهم ، لايولون أهمية إلّا للحياة المادية في حين لايلتفتون الي الحياة المعنوية . في حين أن الفلاسفة والعلماء المعاصرين في الغرب ، يعتبرون خلوّ الحياة من القيم المعنوية الخطر الأكبر الذي يهدد المجتمع والثقافة الغربية المعاصرة .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
إن الشرخ الأكبر الذي حدث في الغرب ، هو تفكّك النظم الاجتماعية والأخلاقية والذي أدي في معظم البلدان الصناعية إلي ارتفاع إحصائيات الجرائم و زوال الأسرة . ومن الواضح أن الحياة إذا خلت من المعني ، فسوف يخيّم عليها العبث .
ويتضمن البيان الإسلامي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه منظمة المؤتمر الإسلامي في ۱۹۹۰ ، وجهات نظر البلدان المسلمة . وقد جاء في الفقرة (أ) من المادة السابعة عشرة من هذا البيان في هذا المجال :
لكل إنسان الحق في أن يكون بمقدوره في بيئة تخلو من المفاسد والأمراض الأخلاقية ، أن يبني نفسه من الناحية المعنوية ، وعلي المجتمع والحكومة أن يوفّرا له هذا الحق .
إن موضوع الحياة من وجهة نظر الدين يبلغ من الأهمية بحيث إن الإنسان ليس له الحق في أن يقضي علي حياة الآخرين وفوق ذلك فإنه لا يمتلك الحق في أن يلحق الضرر بحياته . وبناء علي ذلك فإن سأل سائل : هل يمكن للإنسان أن يغض النظر عن حقه في الحياة ؟ فإن القوانين البشريّة والإلهية سوف تقدّم إجابتين ، فالقوانين الغربية تسمح للفرد بالانتحار استناداً إلي أن حياته ملك له . ولكن التشريعات الإسلامية لاتسمح بذلك وتعتبره قتلاً للنفس وذنباً .
ويري علماء الإسلام أن الإنسان لايمتلك حق إنهاء حياته في مثل هذه الحالات استناداً إلي أن الحياة هي أمانة من جانب الله بيد الإنسان ، وعليه أن يحافظ عليها . فالإسلام يري أن حياة الإنسان وروحه هما أمانة إلهية ، ولايحق لأحد أن يقدم علي الانتحار أو أن يقوم بإجهاض الجنين . فقد جاء في جانب من سورة البقرة قوله تعالي : " ولا تلقوا بأيدكم إلي التهلُكة .
مستمعينا الأكارم !
انتظرونا في الحلقة القادمة عند جولة أخري في عالم الفكر الفيميني وتبعاته وآثاره السلبيّة الهدّامة ، شكراً علي طيب المتابعة ، وإلي الملتقي .