إخوتنا ، أخواتنا المستمعين في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ، وحللتم أهلاً في هذه المحطّة الأخري من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهر والتي سنواصل الحديث فيها حول التبعات والآثار الأخلاقيّة التي خلّفتها الحركة الفيمينيّة في المجتمعات الغربيّة وما استتبع ذلك من انحطاط وتردّ أخلاقيّ علي مستوي الفرد والأسرة والمجتمع ، ندعوكم لمتابعتنا ....
أحبّتنا المستمعين !
كان الموضوع الأوّل الذي حظي باهتمام زعماء الحركة الفيمينية ، الحريّةَ والانفلات في الغرائز الجنسيّة . وبعبارة أخري ، فقد عملوا علي الترويج للحريّة الجنسيّة تحت ذريعة توفير الحرية للنساء والرجل .
وفي المقابل فإنّ الدين الإسلاميّ يعارض الحريّات المنفلتة بشدّة . فهو يري أنّ هذه الحريّة تقوّض دعائم الأسرة وتهدّد مصلحة الأسرة والأفراد . ومن البديهي أنّ دعائم الأسرة لا تنهار إلّا عندما لايكون هناك التزام بين الرجل والمرأة . يقول سماحة قائد الثورة الإسلاميّة في هذا المجال :
"لو تُرِك البشر لحالهم بحيث يشبعون غريزتهم الجنسيّة كما شاؤوا ، لما تكوّنت الأسرة ولتحوّلت إلي كيان مفكّك وضعيف وأجوف وقابل للدمار لأقل المخاطر والتهديدات ، ولذلك فأينما كانت هناك حريّات جنسيّة نري في المقابل أنّ مؤسّسة الأسرة تكون ضعيفة .
وعندما تسود حالة الانفلات الأخلاقي ، فإنّ من الحالات التي تشكّل تهديداً هي عدم تخصيص المرأة والرجل لعواطفهما إزاء بعضهما البعض في داخل الأسرة . يقول الأستاذ مطهّري في هذا الصدد :
"لا يوجد في أوروبا مثل هذا الصدق والإخلاص والوحدة والانسجام بين النساء وأزواجهنّ . لأنّ الرجل والمرأة لا يخصّصان العواطف والمشاعر الجنسيّة لبعضهما البعض ؛ فكلّ منهما بإمكانه التمتّع بشكل غير محدود باللذائذ الجنسيّة في المجتمع الكبير .
مستمعينا الأكارم !
ويري مدّعو الأخلاق والثقافة الجنسيّة الحديثة استناداً إلي مبدأ الحريّة أنّ الحريّة مكفولة لكلّ فرد بشكل مطلق ويجب احترامها والمحافظة عليها ، متناسين أنّ الفأس الأولي التي هووا بها علي جذور الأخلاق كانت باسم الحريّة . وتبلغ أهميّة الأخلاق في حياة البشريّة حدّاً بحيث إنّ النبيّ الأعظم (ص) وصف رسالته بالقول : " إنّما بُعِثت لأتمّم مكارم الأخلاق .
ومن أهمّ استخدامات الأخلاق ، تنظيم العلاقات الجنسيّة . يقول المؤرّخ الغربي ويل ديورانت :
" كان تنظيم وضبط العلاقات الجنسيّة ومازالا أهمّ المسؤوليّات التي تتكفّل بها الأخلاق ، لأنّ غريزة التناسل تتسبّب ببعض المشاكل وهذه المشاكل لا تقتصر علي الزواج بل وتتعدّاه إلي ما بعده ، وبالتالي فإنّ شدّة هذه الغريزة وحدّتها وتمرّدها علي القانون والانحرافات التي تخرجها من الطريق الطبيعي ، تستتبع الفوضي و الاضطراب في الأنظمة الاجتماعيّة .
وحرمة الأسرة مصونة ومحترمة في الإسلام . والإسلام يؤكّد ضرورةَ تجنّب الحريّات المنفلتة من أجل المحافظة علي أساس الأسرة . وبالتالي فإنّ المشاكل والأزمات الجنسيّة لا تحدث في المجتمعات الإسلاميّة إلّا علي نطاق محدود ، وإذا ما حدثت فإنّ سبب ذلك عدم الالتزام بالتشريعات والأخلاق الإسلاميّة . ويصرّ الإسلام علي أن يكون محيط العائلة مختصّاً بالزوجين وأن يكون المجتمعَ الكبير و محيط العمل والنشاط وأن يتمّ اجتناب أيّ نوع من الانفلات في ذلك المحيط كي تزدهر مواهب الأفراد ويتمتّع المجتمع بالسلامة الأخلاقيّة والمعنويّة .
أحبّتنا المستمعين !
وفي الحقيقة فإنّ تبعات وجهات النظر الفيمينيّة علي العالم الغربي لا تقتصر علي العلاقات غير المشروعة ، بل إنّ هنالك أزمات أخلاقيّة واجتماعيّة أخري ظاهرة وخفيّة من مثل الأطفال غير الشرعيّين ، والعنف والاعتداء علي النساء ، وظاهرة الأسر ذات الوالد الواحد و ارتفاع نسبة الأمراض الجنسيّة و الميل إلي المثليّة و شيوع الدعارة وانتشار ظاهرة إجهاض الأجنّة التي سنتوقّف عندها اعتباراً من هذه الفقرة من حلقتنا لهذا الأسبوع .
لقد أدّي انتشار الأفكار الفيمينيّة في عصرنا الراهن في البلدان الغربيّة إلي أن يواجه المجتمع أنواع الانحرافات ومنها اللجوء إلي أسلوب إجهاض الجنين .الذي استتبع بدوره الكثيرَ من المشاكل والأزمات في هذه المجتمعات . فالفيمينيّون المتطرّفون يقترحون اللجوء إلي هذا الأسلوب من أجل إنقاذ النساء من عبء مسؤوليّة تربية الأطفال وتحقيق الاستقلال الفرديّ . بمعني أن كلّ امرأة بإمكانها القضاء علي جنينها في أي وقت تشاء لتحرّر بذلك نفسها من قيود مسؤوليّة تربيته .
ومن أسباب شيوع ظاهرة إجهاض الجنين في المجتمعات الغربيّة ، تبريرُ الفيمينيّين بأن إجهاض الجنين يتلازم وينطبق مع أخلاقيّة المراقبة و الاعتناء ولذلك يقترحون هذا الأسلوب باعتباره النموذج السلوكي والأخلاقي الأفضل ، علماً أنّ إجهاض الجنين هو إنهاء الحمل عن طريق إزالة الجنين من رحم المرأة . حيث يتمّ ذلك بأسلوبين هما العمليّات الجراحيّة و تناول الأدوية . والسؤال المطروح هنا هو : ماهي مكانة عمليّة إجهاض الجنين في نظام الرقابة الأخلاقيّة ؟ ولماذا لايستحقّ الجنين باعتباره أصغر الكائنات وأضعفها أن يحاط بالعناية والمحبّة من وجهة نظر الفيمينيّين ؟
وهكذا فإنّ إجهاض الجنين حسب هذا المفهوم لا ينطبق علي الأطفال الذين يجب التخلّص منهم لأسباب طبيّة ومن أجل المحافظة علي حياة الأم أو بسبب مرض الجنين ، بل الحديث يدور حول الأطفال الذين يسلب منهم حقّ الحياة رغم تمتّعهم هم وأمّهاتهم بالسلامة الكاملة .
لقد حقّق المجتمع الغربي التطوّر في بعض المجالات ولكنّه نسي الأخلاق والقيم الروحيّة والمعنويّة بسبب ترسّخ وجهات النظر المختلفة ومنها الآراء الفيمينيّة . يقول الكاتب الأمريكيّ جورج غرانت (GEORGE Grant) في هذا الصدد :
" لقد واجهت وسائل إعلامنا فشلاً أخلاقيّاً ذريعاً وهي لا تكلّف نفسها الإعلان عن ذلك للرأي العام وهي نفس الممارسات الشنيعة التي نتّهم بها أطبّاء هتلر ؛ الممارسات التي تتمّ اليوم بشكل عادي ويوميّ في المستشفيات والجامعات الأمريكيّة ضدّ الأطفال علي يد الأطبّاء والباحثين البارزين .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
استعراضنا وتحليلنا للأزمات الأخلاقيّة التي تركتها الأفكار والأطروحات الفيمينيّة في المجتمعات الغربيّة سيتواصلان في لقائنا القادم بإذن الله من برنامجكم " الفيمينيّة تحت المجهر، نشكر لكم طيب متابعتكم راجين منكم انتظارنا في الحلقة المقبلة ، ودمتم بكلّ خير ....